بسم الله الرحمن الرحیم
و إن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
جوامع


خطبه‌ی عربی نمازجمعه‌ی تهران به امامت حضرت آیت الله خامنه‌ای رهبر معظم انقلاب اسلامی

الخطبة الجمعة لسماحة الإمام سيد علي الخامنئي (مد ظله) باللغة العربية
Khamenei.ir
 


الخطبة الأولی

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، أحمده و أستعینه و أستغفره و أتوکل علیه و أصلی و أسلم علی حبیبه و نجیبه و خیرته فی خلقه حافظ سرّه و مبلغ رسالاته بشیر رحمته و نذیر نقمته سیدنا و نبینا و حبیب قلوبنا أبی القاسم المصطفی محمد و علی آله الأطیبین الأطهرین و صحبه المنتجبین و من تبعهم بإحسان إلی یوم الدین، و صلّ علی أئمة المسلمین و حماة المستضعفین و هداة المؤمنین، و صلّ علی بقیة الله فی الأرضین. أوصیکم عباد الله بتقوی الله و نظم أمرکم.

أدعو و أوصی کل الإخوة و الأخوات المصلین و نفسی بمراعاة تقوی الله، فهذا هو أساس مسیرة الإنسان نحو الکمال و التعالی. إذا استطعنا بتوفیق من الله أن نراعی تقوی الله فی أعمالنا الفردیة و الجماعیة و السیاسیة و الاجتماعیة فسوف تشملنا کل الخیرات و کل الألطاف الإلهیة.

إنها أیام عشرة الفجر المبارکة. ما یجب علیّ و علی أمثالی فی عشرة الفجر هو شکران إثنان: الأول شکر الله. نعفّر جبهة الشکر علی عتبة الله بکل خشوع و تواضع أن وفّق شعب إیران لهذا، حیث قامت هذه الحرکة العظیمة و هذا العمل الکبیر و هذه النهضة التاریخیة علی ید شعب إیران و بقیادة الإمام الجلیل، فتشکل النظام الإسلامی و انطلقت مسیرة الشعب الإیرانی نحو الله و نحو الأهداف و القیم الإلهیة. ما من نعمة أکبر من هذه و شکر الله علی هذه النعمة الکبری واجب دوماً، و هو أوجب فی أیام عشرة الفجر. و الشکر الثانی هو لشعب إیران، حیث أبدوا وفاء و مروءة و تضحیة و إیثاراً و شجاعة و بصیرة، و حافظوا علی تواجدهم الدائم طوال هذه الأعوام الثلاثة و الثلاثین بحیث ترسخت هذه الغرسة یوماً بعد یوم رغم کل الأخطار و المشکلات و ازدادت رونقاً و ازدهاراً و طراوة. و هی الیوم کتلک الشجرة الطیبة التی «أصلها ثابت و فرعها فی السماء» (1) قد تجذرت فی أرض الحیاة البشریة و راحت ثمارها و آثارها تصل بشکل متواتر.

خصوصاً فی هذا العام فإن عشرة الفجر لها أجواء أخری. إذ نحن فی هذه السنة فی أجواء الثورات المنتصرة فی هذه المنطقة سواء فی تونس أو فی مصر أو فی لیبیا حیث أثمرت التحرکات الثوریة للشعوب، و أنجزت أعمال کبری، و هذه بشارة کبری لنا نحن الشعب الإیرانی، و هی حدث مبارک و طیب. إننا نقیم عشرة الفجر و الثانی و العشرین من بهمن فی مثل هذه الأجواء. یجب القول إن الشعب الإیرانی بانتصار هذه الثورات خرج من غربته بنحو نسبی، و سوف أذکر شیئاً عن هذا الیوم باختصار إن شاء الله.

فی هذه الخطبة سوف أطرح علی الإخوة و الأخوات المصلین الأعزاء و علی الشعب الإیرانی ثلاثة مواضیع رئیسیة. و فی الخطبة الثانیة سأتحدث للإخوة العرب أکثر. أحد هذه الموضوعات الثلاثة حول ثورتنا و الطریق الذی قطعناه خلال هذه العقود الثلاثة و المکتسبات التی حققناها و المستقبل الذی ینتظرنا. و الموضوع الثانی نظرة لقضایا المنطقة و العالم. و الموضوع الثالث بعض النقاط القصیرة حول الانتخابات المقبلة.

حول الموضوع الأول هناک من الکلام ما یعادل کتباً. ما أذکره کخطوط أساسیة لثورتنا هو مجرد جملتین أو ثلاثة من هذا الکلام و شرح و تفصیل ذلک طویل جداً. کانت هذه الخصوصیات فی ثورتنا: لقد قضت ثورتنا علی نظام مناهض للإسلام و جاءت بنظام إسلامی إلی الحکم. محقت نظاماً دکتاتوریاً مستبداً و جاءت بدلاً عنه بنظام دیمقراطی، و محت التبعیة التی کانت تعانی منها بلادنا طوال سنین متمادیة و وصلت فی العهد البهلوی إلی أفجع و أفضح أحوالها، و منحت الشعب استقلالاً شاملاً. قضت علی القمع و التعسف الرهیب الذی سلطوه علی شعبنا و منحته الحریة و مکنت أبناء الشعب من أن یطرحوا آراءهم و کلامهم بحریة فأصبحت الأجواء أجواء حریة. و أزالت حالة الذلة و المهانة التاریخیة التی عانی منها الشعب الإیرانی و منحته العزة الوطنیة. لقد أُذلّ شعبنا لعشرات الأعوام.. أُذلّ هذا الشعب الکبیر بهذه السوابق التاریخیة و هذه الموروثات الثقافیة و العلمیة و التاریخیة العظیمة مقابل الحکام المتغطرسین الفاسدین و من وراءهم المستعمرین و المهیمنین الدولیین. لقد أزالت ثورتنا هذا الوضع و بدّلته إلی عزة وطنیة. و الشعب الإیرانی الیوم یشعر بعزته و شخصیته. قضت الثورة علی الضعف النفسی و عقدة الدونیة لدی شعبنا، و أحلت محلها ثقة بالذات الوطنیة. لقد کان لدینا عقدة دونیة و کنا نتصور أننا لا نستطیع القیام لا بعمل علمی و لا بعمل سیاسی و لا بعمل عسکری عظیم. کنا نعتقد أننا شعب ضعیف.. هذا ما لقّنوه لنا و بثوه فینا. و قد انتزعت الثورة من الشعب هذه المشاعر و بدّلتها إلی مشاعر ثقة بالذات الوطنیة. لدینا حالیاً ثقتنا بأنفسنا فی کل المیادین، و نعلم أننا قادرون و نسیر وراء هذه القدرة و نتابعها، و نصل و الحمد لله إلی مقاصدنا فی کل المجالات.

کان شعبنا معزولاً و معرضاً عن الشؤون السیاسیة و لا یهتم لأحداث البلاد. و قد انتزعت الثورة هذه الحالة من شعبنا و جعلتنا شعباً واعیاً و سیاسیاً. حتی ناشئتنا و فی أبعد مناطق البلاد لدیهم فی الوقت الحاضر تحلیلاتهم السیاسیة و هم یدرکون الأحداث السیاسیة و یحللون کل مسألة من المسائل. و لم یکن الحال کذلک قبل الثورة. کانت المیول السیاسیة و وعی القضایا السیاسیة حالة خاصة بعدد قلیل جداً فی البلاد. الناس عموماً کانوا بعیدین عن أحداث البلاد، تأتی الحکومات و تذهب، و تبرم المعاهدات الدولیة، و تنجز أمور و أعمال کبیرة فی العالم والشعب غیر مطلع علیها. هذه هی الخطوط الأصلیة لهذه الثورة التی أوجدت هذه الأحداث فی هذا البلد. لقد تمأسست هذا الأصول و تکرّست مؤسساتیاً و ترسخت. هذه لیست بالتحولات السطحیة و المقطعیة. شعارات الثورة الیوم هی نفسها شعارات الیوم الأول، و هذا مؤشر علی سلامة الثورة. الشعارات کأصبع الإشارة الذی یشیر إلی الأهداف و یرسمها. حینما تبقی الشعارات فی نظام معین و ثورة معینة و تترسخ فمعنی ذلک أن الأهداف فی ذلک النظام لا تزال نفس الأهداف الأولی و لم تتغیّر، و المسؤولین و الجماهیر لم ینحرفوا عن الصراط المستقیم و الأهداف الأصلیة. شعارات الشعب الإیرانی فی الوقت الحاضر نفسها شعارات أول الثورة.

لقد کانت حیاتنا خلال هذه الفترة الممتدة لنیّف و ثلاثین سنة متأثرة بهذه الخطوط الأساسیة. لقد حققنا تقدماً و کانت لدینا نقاط ضعف و نواقص. یجب أن نعرف حالات التقدم التی حققناها و علینا کذلک تشخیص مواطن ضعفنا. إذا تکتمنا علی نقاط ضعفنا و لم نعرفها و تجاهلناها فسوف تبقی و تتکرس و تتمأسس و لن ترتفع. علینا معرفة کل نقاط القوة و الضعف.

هناک نقاط إیجابیة و نقاط سلبیة أیضاً، و هناک صعود و هبوط، لکن المسیرة و الحرکة کانت مستمرة و هذا هو المهم. لیعلم شبابنا الأعزاء أنه طوال هذه الأعوام الإثنین و الثلاثین أو الثلاثة و الثلاثین کانت هناک محطات أبدینا فیها ضعفاً، و کان لهذه الحرکة صعود و هبوط، و لم تکن دوماً علی وتیرة واحدة، فقد کانت أحیاناً سریعة و کانت فی أحیان أخری أقل سرعة لکنها لم تتوقف أبداً، و قد تقدمنا فی نفس الاتجاه الرئیسی للمسیرة، و نشاهد الیوم ثمار ذلک.

أذکر بعض نقاط القوة التی کانت لنا طوال هذه المدة، و أذکر أیضاً بعض نقاط الضعف. نقطة القوة الأهم فی هذه السنوات الإثنتین و الثلاثین هی الانتصار علی التحدیات، و هذا شیء علی جانب کبیر من الأهمیة. لم نکن شعباً ننکّس رؤوسنا و نسیر فی دربنا و لا یکون لأحد شأن بنا، لا، منذ البدایة کان للقوی العالمیة المهیمنة شأنها بنا، و عمدت إلی إیذائنا و عرقلة مسیرتنا، و قد فرضوا الحرب علینا، و أطلقوا صداماً علینا، و شغلونا لمدة ثمانیة أعوام، و بعثوا علینا الإرهابیین، و فرضوا الحظر الاقتصادی. و قد تغلبنا لحد الآن علی کل هذه التحدیات، أی إن أیّاً من هذه التحدیات لم یستطع فرض الندم و الخضوع علی شعبنا و ثورتنا. لقد واصلنا طریقنا و الحمد لله بهامات مرفوعة. هذه هی نقطة القوة الأهم فینا.

و نقطة قوة أخری توفرت فی غضون هذه الفترة هی تنامی و اتساع الخدمات المقدمة للشعب کمّاً و کیفاً. هذه الخدمات لا تقبل المقارنة بالماضی القریب قبل الثورة و لا حتی بالماضی البعید. الخدمات الهائلة التی انتشرت و تنامت فی کل أنحاء البلاد کانت ذات نوعیة و جودة عالیة و من الدرجة الأولی - الخدمات المادیة و المعنویة - و کانت کمیتها و سعتها أیضاً کبیرة جداً. هذه نقطة قوة مهمة.

و نقطة القوة الأخری هی التقدم العلمی. یا أعزائی، لا تستهینوا بهذا التقدم العلمی. هذا التقدم علی جانب کبیر من الأهمیة. العلم هو أساس التقدم الشامل لأی بلد. سبق أن قرأت الحدیث القائل: «العلم سلطان» (2).. أی العلم اقتدار. کل من یتوفر لدیه هذا الاقتدار یستطیع أن یبلغ کل مقاصده. و مستکبرو العالم استطاعوا بفضل العلم الذی توفروا علیه أن یفرضوا منطق قوتهم علی کل العالم. و نحن طبعاً لن نمیل إلی منطق القوة أبداً، لکن العلم ضروری لنا بالتأکید من أجل التقدم.

تقدمنا العلمی الذی أحرزناه طوال هذه الأعوام الثلاثین و نیّف کان مذهلاً حقاً. و التقنیة النوویة اشتهرت بالمصادفة و قد انتبه لنا الجمیع فی داخل البلاد و خارجها، لکن الأمر لا یقتصر علیها، فهناک تقنیة نوویة، و هناک أیضاً علوم الفضاء و الطیران، و العلوم الطبیة - و لحسن الحظ فإن بلادنا الیوم تحتل فی الطب مراتب جد مهمة و صعبة الوصول، و قد أنجزت أعمال طبیة کبیرة فی هذا البلد - و هناک تقنیات الأحیاء، و تقنیات النانو و هی من العلوم الحدیثة فی العالم، و هناک تقنیات الخلایا الجذعیة و هی من أعظم الأعمال و الإنجازات فی میدان العلم، و هناک الاستنساخ، و صناعة الحواسیب العملاقة، و تقنیات الأشکال الجدیدة من الطاقة، و الأدویة الرادیویة و الأدویة المضادة للسرطان، و القائمة متواصلة.

هذا الذی أذکره لیس من باب الارتجاز، إنما هی شهادات المراکز العلمیة المعتبرة فی العالم. هم یقولون إن أسرع نمو علمی حصل خلال هذه الأعوام فی العالم کله کان فی إیران. إنه تقریر عام 2011 الذی یقول إن أسرع نمو علمی فی العالم کله حصل فی إیران. حسب التقاریر التی أطلقتها المراکز العلمیة المعتبرة فی العالم فإن إیران تحتل المرتبة العلمیة الأولی فی المنطقة. و کنا قد برمجنا لأنفسنا الوصول لهذه المرتبة العلمیة الأولی فی سنة 1404 [2025 م]، أی لا یزال أمامنا أربعة عشر عاماً. فی العام المیلادی الماضی قالوا إن إیران هی الأولی فی المنطقة من حیث المرتبة العلمیة، و السابعة عشرة فی العالم. أی إن المرتبة العلمیة لبلادنا علی مستوی العالم هی السابعة عشرة، و هذا شیء علی جانب کبیر من الأهمیة. إذن، من نقاط قوتنا تقدمنا العلمی.

و من نقاط قوتنا خلال هذه المدة نقل قیم الثورة للجیلین الثانی و الثالث. تنظرون حالیاً إلی الشباب فترون أنهم تلقوا هذه القیم و أدرکوها. شهیدنا العزیز الأخیر مصطفی أحمدی روشن - الشهید الذی ترکت شهادته لوعة و حرقة فی قلوبنا - أو الشهید الشاب الذی سبقه الشهید رضائی نجاد الذی استشهد مطلع هذه السنة. کان هذان الشهیدان شابین عالمین فی الثانیة و الثلاثین من العمر، لم یدرکا زمن الإمام الخمینی، و لم یدرکا زمن الحرب، و لم یدرکا زمن الثورة، لکنهما کانا یدرسان و یکسبان العلم و یتجاوزان المراحل و المراتب العلمیة تباعاً بکل شجاعة و شهامة، و کانا علی علم و وعی بأنهما معرضان للخطر و التهدید. هذا شیء مهم جداً و هو قیمة من القیم.. هذه هی قیم الثورة فی الجیل الثالث. أحمدی روشن و رضائی نجاد و أمثالهما من الجیل الثالث للثورة. الخطوة العظیمة التی قام بها الشباب بعد استشهاد أحمدی روشن حیث أعلنوا عن استعدادهم للعمل خطوة مهمة جداً، و یجب عدم الاستهانة بهذا. من نقاط قوتنا و من نقاطنا الإیجابیة انتقال هذه القیم للجیلین الثانی و الثالث. طبعاً کانت هناک بعض حالات التساقط، و کان هناک بعض التائبین من الثورة و النادمین علیها، لکن النماء عندنا کان أکثر من التساقط. القوی المتهرئة تتساقط لکن القوی الشابة الطریة تتصاعد و تنمو.

نقطة أخری من نقاطنا الإیجابیة فی غضون هذه المدة القفزات الواسعة فی التأثیر فی القضایا الأساسیة فی المنطقة و العالم. نظام الجمهوریة الإسلامیة الیوم بلد مؤثر. «النعم» أو «اللا» التی یقولها فی قضایا المنطقة و حتی فی القضایا العالمیة مؤثرة. و هذا شیء مهم جداً للبلد.

من نقاط القوة الأخری لدینا البنیة القویة و المتینة للبلد و النظام فی مواجهة الأعداء. إننا لا نضطرب مقابل العداء و لا نقلق و لا تتملکنا الهموم. بنیة النظام و البلاد بنیة متینة.

من نقاط القوة الأخری عندنا الرقیّ الکمّی و الکیفی لمراکزنا العلمیة، أی جامعاتنا و حوزاتنا العلمیة. لقد ارتفع مستوی حوزاتنا العلمیة من الناحیة الکمّیة و من الناحیة النوعیة، و کذا الحال بالنسبة لجامعاتنا. هذه من نقاط قوتنا، و کل واحدة من هذه النقاط تتطلب شرحاً مطولاً، و ثمة إحصائیات تدل علیها، و توجد غیرها الکثیر من نقاط القوة.

تتمة لنقاط القوة أذکر أنه علی الشعب الإیرانی أن یتنبّه إلی أن کل هذا التقدم العلمی و الاجتماعی و التقنی تحقق فی ظروف الحظر و المقاطعة، و هذه مسألة علی جانب کبیر من الأهمیة. لقد أغلقوا أبواب العلم و أبواب التقنیة بوجهنا، و سدّوا الطرق، و لم یبیعونا المنتجات اللازمة، و تقدمنا علی هذا النحو. لقد حصلت هذه الأمور و التطورات فی ظروف الحظر، و هذا ما یضاعف الآمال.

و لدینا طبعاً نقاط ضعف.. و یجب التغلب علی نقاط الضعف هذه و إزالتها. و سأعود لقضیة الحظر و الظروف التی فرضت و أتطرق لها بعض الشیء. نقاط ضعفنا هی الأخطار التی تعترض طریقنا، و قد کانت موجودة خلال هذه المدة و ینبغی علینا بعد ذلک أن نتغلب علیها. نقطة ضعفنا الأولی المیل نحو الدنیا الذی تمکّن من بعضنا و سیطر علیه. أصاب بعضنا نحن المسؤولین المیل للدنیا و المادیات، و تبدّد شیئاً فشیئاً قبح المیل للثروة و البذخ و التشریفات و الفخفخة و النزعة الارستقراطیة. و حینما أصبحنا هکذا فإن هذه الحالة سوف تتسرّب إلی الناس. المیل للارستقراطیة و البذخ و جمع الثروات و التمتع بها بشکل غیر مشروع و غیر مستساغ موجود لدی کثیر من الناس بشکل طبیعی. عندما نطلق العنان لأنفسنا و نصاب بهذه الآفات فسوف تتطرق هذه الأحوال إلی الناس و تظهر فیهم.

نحن الیوم نعانی للأسف من الإسراف و النزعة الاستهلاکیة. لقد قلت هذا مراراً و أقوله مرة أخری. هذا خطر یعترض طریقنا. یجب التقلیل من النزعة الاستهلاکیة و الحرص علی الدنیا و متاع الدنیا. ما إن تنتشر إشاعة بأن الشیء الفلانی قد ندر و شحّ حتی یهجم الناس لجمعه و امتلاکه أکثر خوفاً من أن یفقدوه و یعانوا نقصه، و الحال أن ذلک الشیء قد لا یکون من الأشیاء الضروریة فی الحیاة. و حتی لو لم تکن تلک البضاعة شحیحة فإن هجوم الناس علیها سیجعلها شحیحة. و نحن لا نتنبّه لهذه النقطة. هذه من مواضع ضعفنا، و یجب علینا رفع هذا النقص و الضعف.

من نقاط ضعفنا الأخری أننا لم نحقق تقدماً أخلاقیاً و تزکیة أخلاقیة و نفسیة بموازاة العلم و التقدم العلمی، و هذا نوع من التخلف. الوضع الیوم طبعاً أفضل بکثیر کثیر مما کان علیه قبل الثورة - و لا ریب فی هذا أبداً - لکن کان یجب علینا أن نتقدم. لقد تقدمنا فی العلم و تقدمنا فی السیاسة، و کان ینبغی لنا أن نتقدم فی المعنویة و تزکیة النفس. فی القرآن الکریم أین ما ورد ذکر التزکیة و التعلیم عن لسان الخالق قدّم سبحانه التزکیة علی التعلیم، و التعلیم هنا هو تعلیم الکتاب و الحکمة - «یزکّیهم و یعلمهم الکتاب و الحکمة» (3) - فی موضع واحد فقط جری تقدیم التعلیم علی لسان إبراهیم. و هکذا فقد غفلنا عن التزکیة الأخلاقیة و النفسیة.

و علی صعید العدالة الاجتماعیة لم نصل بعد إلی المستوی الذی یریده الإسلام و هو ما نطمح إلیه بدورنا. هذه أیضاً من نقاط ضعفنا. یجب علینا تلافی نقاط الضعف هذه. إنها مواطن نقص و ضعف لا یمکن تخطیها و عدم الاکتراث لها. علی المسؤولین و کذلک علی أبناء الشعب أن یشعروا أن من واجبهم تلافی هذه النواقص و السلبیات. یجب أن نطلب العون من الله تعالی و نتغلب علی هذه النواقص و نرفعها. و یمکن بالطبع رفعها. إنها سلبیات یمکن التغلب علیها و معالجتها.

اعتقد أن الأعمال التی یجب أن نقوم بها للتغلب علی هذه السلبیات و النواقص هی بالدرجة الأولی النظر للمستقبل و تحمّل المسؤولیة. علینا جمیعاً أن نشعر بالمسؤولیة، خصوصاً مسؤولو البلاد و خدمة الشعب یجب أن یشعروا بالمسؤولیة، و یجب أن لا نلقی النواقص و التقصیرات علی عاتق بعضنا. إذا ظهر نقص فی موضع من المواضع یجب أن لا یقول مجلس الشوری إن الحکومة مقصّرة و تقول الحکومة إن مجلس الشوری مقصّر، و یقول ذاک إن السلطة القضائیة مقصّرة، لا، الحدود واضحة. الدستور عیّن الخطوط و الحدود. و واجبات الجمیع معلومة. للقیادة مسؤولیاتها، و للحکومة مسؤولیاتها، و لمجلس الشوری مسؤولیاته، و للسلطة القضائیة مسؤولیاتها، و لقوات الشرطة مسؤولیاتها، و الأجهزة التنفیذیة کل واحد منها له مسؤولیاته، فلا نلقی اللوم علی بعضنا. إذا ظهر إشکال یختص بالقیادة فعلی القیادة أن تتقبل الأمر بتواضع لأنه یختص بها و تحاول رفعه. هذا من الأعمال و الأمور الأساسیة.

المهمّة الأصلیة الأخری هی أننا یجب أن لا نغفل عن القیم الأصولیة، و لا ننشغل بالقضایا الفرعیة و الهامشیة، و نغفل عن الأصول. و هذه النقطة بدورها لها شرحها المفصل.

و من واجباتنا أیضاً الحفاظ علی الاتحاد و التعاطف. قلنا مراراً إنه لا بد من توفر الاتحاد و التعاطف بین المسؤولین. السلطات الثلاث و الآخرون یجب أن یکونوا متعاطفین و متواکبین و متعاضدین، حتی لو کان بینهم اختلاف فی وجهات النظر فی بعض المواطن. لا ضیر فی الاختلاف فی وجهات النظر، و لکن یجب أن لا یقفوا ضد بعضهم فی توجّهات النظام و البلاد و الثورة، بل یشدّوا علی أیدی بعضهم بقوة و یتقدموا إلی الأمام، هذا ما یجب علیهم و علی أبناء الشعب فیما بینهم و علی أبناء الشعب فی علاقتهم بالمسؤولین. هذا الاتحاد و التعاطف علاج حاسم لکثیر من المشکلات الموجودة فی البلاد.

من المهام الأصلیة التی یجب أن ننهض بها و علی الجمیع التنبّه لها هو أن لا ننخدع بابتسامات العدو و الوعود الکاذبة لجبهة الأعداء. و قد کسبنا تجارب خلال هذه الأعوام الثلاثین. فقد ابتسموا لنا أحیاناً. و فی البدایة صدّقهم البعض منا. و شیئاً فشیئاً أدرکنا ما الذی یجری وراء الستار. یجب أن لا ننخدع بابتسامات العدو و وعوده الکاذبة. جبهة القوة المادیة المهیمنة علی العالم الیوم تنکث عهودها بکل سهولة. تنکث عهودها و أقوالها بلا أی همّ أو غمّ. لا یخجلون من الله، و لا من خلق الله، و لا من الجانب الذی یفاوضونه.. یکذبون بکل سهولة! لدیّ نماذج حیّة - لیس هنا موضع مناقشتها، و ربما ذکرتها إذا اقتضت الضرورة - و نفس هذه التصریحات التی أطلقها الأمریکان و رئیس جمهوریة أمریکا، و الرسالة التی کتبها لنا، و الجواب الذی بعثناه، ثم رد الفعل و الخطوة التی قاموا بها مع مضمون هذه الرسائل. هذه أمور سوف تعرض یوماً ما علی الرأی العام فی العالم - یوم تستدعی الضرورة - و سیری العالم ما هو حال هؤلاء و واقعهم، و کم هی أهمیة کلامهم و قیمته، و کم هی قیمة وعودهم؟ إذن، من مهماتنا الأساسیة أن لا ننخدع بابتساماتهم و وعودهم الکاذبة.

و من النقاط أیضاً اجتناب الکسل و قلّة العمل. الکسل و الخمول و قلّة العمل یدمّر الإنسان، و العائلة، و البلد، و الشعب. علی الجمیع أن یعملوا.. یجب أن یعملوا عملاً جهادیاً. حینما أعلنا هذا العام عاماً للجهاد الاقتصادی، فمعنی ذلک أن الحرکة الاقتصادیة یجب أن تکون حرکة جهادیة. هذا ما یتعلق بقضایا الثورة و الکلام کثیر و الوقت قلیل، و یجب أن نطرح القضایا الأخری.

أما قضایا المنطقة و العالم. فی غضون العام الذی انقضی من عشرة الفجر فی السنة الماضیة إلی عشرة الفجر فی هذه السنة، نجحت شعوب المنطقة فی إسقاط أربعة طواغیت، و هذا شیء علی جانب کبیر من الأهمیة. لا بد من جهود کبیرة من أجل أن یُسقط شعب أحد هؤلاء الطواغیت. خلال هذا العام الفاصل بین عشرة الفجر من السنة المنصرمة و عشرة الفجر الآن جری إسقاط أربعة طواغیت خطرین خبثاء فی هذه المنطقة. هذا حدث علی جانب کبیر من الأهمیة.

حدث مهم آخر هو أن الجماهیر فی تونس و مصر منحت أصواتها للإسلام. فی مصر ذهب إلی صنادیق الاقتراع نحو خمسة و سبعین بالمائة من الشعب و صوّتوا لصالح الجماعات و الفئات الإسلامیة. و الوضع فی تونس یشبه ذلک. هذا شیء له أهمیة بالغة. فمعناه أن کل الجهود و المساعی التی بذلها الأمریکان و الغربیون و الأجهزة الإعلامیة و هولیوود و غیرها و غیرها عناداً مع الجمهوریة الإسلامیة طوال هذه الأعوام للتخویف من الإسلام و من الحکومة الإسلامیة، ذهبت أدراج الریاح، و الناس منحازون للإسلام.

من آثار هذه التحرکات ضعف الکیان الصهیونی و عزلته، و هذا شیء علی جانب کبیر من الأهمیة. فالکیان الصهیونی هو بحق غدة سرطانیة فی هذه المنطقة و یجب استئصالها و سوف تستأصل، و بالتالی فقد أصیب بمزید من الضعف و العزلة نتیجة هذه التحرکات. لقد تضاعفت حیویة الشباب الفلسطینیین و آمالهم بکفاحهم و مستقبلهم. و الشعوب أیضاً تضاعف أملها.

طبعاً، الشعب المظلوم أکثر بین هذه الشعوب هو الشعب البحرینی، لأنه یواجه للأسف صمت الإعلام العالمی و مقاطعته. مطالیبهم لیست مرفوضة فی أی منطق إنسانی و عالمی، إنما هی مطالیب محقّة لکنها تعرضت للظلم، و قد أخرجوهم تماماً من دائرة الإعلام و الضوء، بل راحوا یوجّهون الإعلام ضدهم باستمرار. و هذا لا تأثیر له طبعاً. و سینتصر الشعب البحرینی أیضاً بتوفیق من الله.

و أقول هنا بهذه المناسبة إن حکام البحرین ادّعوا أن إیران تتدخل فی قضایا البحرین. و هذا کذب. لا، نحن لا نتدخّل. إننا نعلن بصراحة عن المواطن التی نتدخل فیها. فقد تدخلنا فی الشؤون المناهضة لإسرائیل و کانت النتیجة انتصاراً فی حرب الثلاثة و ثلاثین یوماً و حرب الإثنین و عشرین یوماً. و بعد الآن أیضاً إذا کان ثمة شعب أو جماعة تکافح ضد الکیان الصهیونی و تجابهه فسوف نسندها و نساعدها و لا نتحرّج أبداً من قول ذلک. هذه حقیقة و واقع. أما أن یأتی حاکم جزیرة البحرین و یقول إن إیران تتدخل فی أحداث البحرین، فلا، هذا الکلام غیر صحیح و بخلاف الواقع. لو تدخلنا فی البحرین لکانت الأوضاع فی البحرین بشکل آخر!

و الأوضاع فی العالم أیضاً غریبة. أمریکا أصیبت بالضعف - الضعف الاقتصادی و المالی و الضعف السیاسی - و هذه بدورها حقیقة واقعة. لقد هزمت أمریکا فی سیاستها للشرق الأوسط، فقد فشلت فی قضیة فلسطین و فی قضیة العراق. أراد الأمریکان أن یدیروا العراق بأنفسهم مباشرة فلم یستطیعوا، و وقف الشعب العراقی و لم یسمح بذلک. و أرادوا أن یضعوا فیه حکومة عمیلة فلم یستطیعوا. أرادوا أن یبقوا هناک مع وجود حصانة قضائیة لهم، فلم تسمح الحکومة و الشعب العراقی بذلک. الحکومة فی العراق الیوم حکومة شعبیة و الشعب العراق شعب حیّ یقظ، و هذا ما جعل الأمریکان یخرجون من العراق بلا أیة مکاسب و من دون أن یتحقق ما أرادوا. طبعاً لدیهم تدخلاتهم النفطیة و الأمنیة هناک، و هذا ما سیعالجه الشعب و الحکومة فی العراق إن شاء الله فی المستقبل.

و أصیبت أمریکا بالضعف أیضاً فی قضایاها الداخلیة و هذا ما یحاول الأمریکان إخفاءه و التکتّم علیه. لا یریدون الاعتراف بضعفهم. فی کلمته قبل أیام فی الکونغرس لم یشر أوباما أدنی إشارة إلی أن الشعب الأمریکی یتظاهر فی الشوارع منذ أکثر من أربعة أشهر. فی هذا الجو البارد و فی کل أنحاء أمریکا، فی الولایات المختلفة، یخرج کل هؤلاء الناس إلی الشوارع و یصمدون مقابل ضغوط الشرطة و ضرباتهم الموجعة، ألم یکن هذا جدیراً بالإشارة؟! لکنه لم یشر له إطلاقاً. یریدون التکتّم علی الأمر. فهذه هی حقوق الإنسان لدیهم. و کذا الحال بالنسبة لأوربا. أوربا أیضاً مصابة بالضعف. ما عدا القضایا الاقتصادیة و المالیة و النقدیة - و هی نقاط ضعف عجیبة قد أغضبت الناس - أصیبت أوربا بالضعف من الناحیة السیاسیة أیضاً.

أضرب لکم مثالاً. الحکومة الفرنسیة فی عهد رئیس جمهوریة فرنسا الجنرال دیغول لم تسمح لبریطانیا بالدخول فی الاتحاد الأوربی. لماذا؟ قالوا إن بریطانیا مرتبطة بأمریکا، و نوع العلاقات و الارتباط بین بریطانیا و أمریکا یسقط استقلال الاتحاد الأوربی. لم یسمح دیغول لبریطانیا بالدخول فی الاتحاد الأوربی بسبب الارتباط و الاتصال و التبعیة لأمریکا. هذا ما یتعلق بفرنسا ذلک الحین. و الرجل الذی یتولی الأمور فی فرنسا الیوم یکرّر کلام أمریکا و یعید ما یقوله الأمریکان و ما یعتمل فی داخلهم، فصار تابعاً محضاً لهم! و هذا بالطبع ضعف. وصل الأمر بأوربا إلی هذا الحد. هذا عن فرنسا، و باقی البلدان الأوربیة هکذا أیضاً من باب أولی. هذا ضعف فی الأجهزة و المؤسسات.

الغربیون فی الوقت الراهن یعانون من ضعف فی الشؤون الاقتصادیة و فی الشؤون السیاسیة و فی القرارات الدولیة. و من ذلک قرار الحظر هذا. لقد أرادوا فی الواقع معاقبة الجمهوریة الإسلامیة و الشعب الإیرانی بسبب الإسلام. و هدّدوا بأن الحظر سیکون باعثاً علی الشلل و موجعاً! قالوا و قالوا، و کان الحظر لصالحنا من ناحیتین: أولاً حینما نقاطع سوف نتوجّه للمواهب و الإمکانیات الداخلیة و ننمو من الداخل، و هذا ما حدث طوال هذه الأعوام الثلاثین. لو لم نقاطع فی المجال التسلیحی لما کنا حققنا الیوم هذا التقدم العجیب. و فی القضیة النوویة لو کانوا هم الذین بنوا لنا محطة بوشهر للطاقة لما تقدمنا فی مجال التخصیب. و لو لم یغلقوا أبواب العلم بوجهنا لما وصلنا إلی ما وصلناه فی الخلایا الجذعیة و الفضاء و الطیران و إطلاق الأقمار الصناعیة للسماء. إذن کلما فرضوا علینا مزیداً من الحظر نمیل إلی إمکانیاتنا و قدراتنا الذاتیة، فتزدهر هذه المواهب و الإمکانیات یوماً بعد یوم کینبوع متدفق. إذن، هذه المقاطعة و الحظر لصالحنا.

الناحیة الثانیة التی یتحول فیها الحظر لصالحنا هی أنهم یکررون فی إعلامهم باستمرار إننا سنفرض هذا الحظر و ذاک الحظر علی إیران لنرغمها علی التراجع فی القضیة النوویة مثلاً. و عندها سیدرک العالم کله أن هذه العقوبات و المقاطعة من أجل الضغط علی إیران للتراجع عن ملفها النووی و قضایا أخری. و حینما لا نتراجع فماذا سیحدث؟ هذا الحظر من أجل أن یفرضوا التراجع علی إیران و إیران لن تتراجع، فستکون النتیجة انهیار هیبة الغرب و هیبة التهدیدات الغربیة فی أعین شعوب المنطقة الثائرة، و تزاید عزة الشعب الإیرانی و اقتداره فی أعینهم، و هذا لصالحنا. إذن، هذا الحظر لصالحنا و یعدّ بمثابة خدمة لنا، و لکن من هاتین الناحیتین التین ذکرتهما.

هذا هو وضع أوربا. أوربا تعانی من مشکلات اقتصادیة مستعصیة. الشعوب الأوربیة غاضبة و معترضة علی الوضع الاقتصادی. و سبق أن قلت إن الشعوب الأوربیة یوم تعلم أن هذا الواقع الضعیف الذی تعانی منه هو بسبب تدخلات أمریکا و الشبکة الصهیونیة العالمیة، سوف تتحول هذه الاعتراضات ذات الأهداف الاقتصادیة إلی نهضة اجتماعیة عظیمة، و عندها یجب توقع ظهور عالم جدید و دنیا جدیدة.

و أقول کلمة بخصوص هذه التهدیدات الأمریکیة. إنهم یهدّدون باستمرار. یهددون بلغة أن کل الخیارات موجودة علی الطاولة! أی حتی خیار الحرب. هذا تهدید بالحرب بهذه اللغة. هذا التهدید بالحرب فی ضرر أمریکا. الحرب ذاتها تضرّ أمریکا عشرات الأضعاف. لماذا هذه التهدیدات فی ضرر أمریکا؟ لأن هذه التهدیدات نفسها دلیل علی عجز أمریکا فی المواجهة المنطقیة و الخطابیة. لیس لدیهم خطاب مقابل خطاب الجمهوریة الإسلامیة. و لا یستطیعون تحقیق انتصار فی ساحة المواجهة الفکریة و المنطقیة، لذلک یضطرون للاستعانة و التشبّث بالقوة. معنی ذلک أن أمریکا لیس لدیها من منطق سوی منطق القوة، و لا سبیل عندها للتقدم سوی سفک الدماء. و هذا سوف یبدّد اعتبار أمریکا فی أعین شعبها و الشعوب الأخری أکثر مما فعل لحد الآن. هذا هو الشیء الذی یحدّد مصیر الأنظمة. النظام الذی یسقط اعتباره فی أعین شعبه مصیره معروف. کالنظام السوفیتی السابق. و من اللافت أن بعض أصحاب الخبرة الغربیین قالوا قبل أیام إن وضع أمریکا و الغرب الیوم شبیه بوضع الاتحاد السوفیتی فی أواخر عقد الثمانینات المیلادی و الذی أدی إلی سقوطه. أی إن النظام إذا سقط فی أعین شعبه من حیث الخطاب و المنطق فلن یعود هناک أمل فی بقائه. لذا کلما هدّدوا کان ذلک فی ضررهم. طبعاً لیعلموا و لیعلم غیرهم و هم یعلمون أن لنا مقابل التهدید بالحرب و التهدید بالحظر النفطی تهدیداتنا التی سوف تطلق إن شاء الله فی الوقت اللازم.

و أشیر إلی بعض النقاط بخصوص الانتخابات. أیها الإخوة و الأخوات الأعزاء، أیها الشعب الإیرانی العزیز، الانتخابات تصون البلاد. الشیء الذی یحفظ هیبة هذا الشعب و یستعرض قدراته المعنویة بوجه الأعداء و یخیفهم و یصدّهم عن التطاول علیه هو التواجد و المشارکة الشعبیة، و من مظاهرها المشارکة فی الانتخابات، و من مظاهرها المشارکة فی الثانی و العشرین من بهمن الذی هو علی الأعتاب أمامکم. کلما کان التواجد أعمق کلما ارتفع الاعتبار و القیمة الوطنیة. و کذا الحال بالنسبة للانتخابات. کلما کان الزحام علی صنادیق الاقتراع أشد و مشارکة الشعب أوسع کلما ارتفع اعتبار البلد و تضاعفت مناعته و حصانته. مشارکة الجماهیر بوسعها تأمین مستقبل البلاد و ضمانه. مجلس الشوری الصالح و النزیه و القوی یستطیع التأثیر علی أداء کل الأجهزة و المؤسسات فی البلاد، فهو یؤثر علی أداء الحکومة و علی أداء السلطة القضائیة، و حتی علی أداء القوات المسلحة. المجلس القوی الصالح النزیه السلیم له مثل هذا الوضع و الدور. فمتی یمکن تشکیل مثل هذا المجلس من دون الشعب؟ هذا ما لا یریده الأعداء. منذ شهرین أو ثلاثة و الأبواق الإعلامیة للعدو تعمل من أجل بث الیأس و القنوط فی نفوس الناس کی لا یشارکوا فی الانتخابات. و البعض فی الداخل من دون أن یتفطنوا إلی ما یقومون به یتناغمون معهم للأسف! أولئک مغرضون، و هؤلاء غافلون.

یتوّجب عدم تضخیم القضایا الصغیرة، و عدم الإیحاء بأن هناک أزمة. یحاولون بألف وسیلة إثبات وجود أزمة فی إیران. أیة أزمة؟ ما هی الأزمة؟ البلد هادئ، و الشعب قوی و نشیط و فعّال، کل هذه الأعمال یجری إنجازها من قبل الأجهزة المختلفة و من قبل أبناء الشعب فی هذا البلد. و الأمن مستتب تماماً بتوفیق من الله. لتتعاون الأجهزة مع بعضها، فإذا تعاونت فسوف تسیر الأمور و المهمات بنحو أفضل. و هذا ما لا یریده الأعداء.

الضروری فی الانتخابات هو التنافس السلیم، التنافس من دون تراشق بالاتهامات و الإساءات. أجواء الانتخابات یجب أن تکون سلیمة نزیهة. إذا کان الناس أنفسهم یعرفون المرشحین للانتخابات فلیعملوا طبقاً لتشخیصهم، و إذا لم یکونوا یعرفونهم فلیستشیروا الأفراد ذوی البصیرة و المتدینین فی من یختاروه. و لیعمل منفذو الانتخابات بمنتهی الدقة فی مهمات الإقامة الصحیحة للانتخابات. هذه أمور یمکنها أن تحقق للبلاد انتخابات جیدة. الإثنان و ثلاثون أو الثلاثة و ثلاثون انتخابات التی أقیمت منذ بدء الثورة و لحد الیوم کانت کلها و لحسن الحظ نزیهة. طبعاً کان هناک فی جمیعها من اعترضوا، و قد توبعت اعتراضاتهم، و کانت هناک مخالفات أحیاناً، و لکن لم یکن هناک عدم نزاهة فی الانتخابات أبداً. و یجب أن یکون الحال کذلک بعد الآن أیضاً.

و أذکر نقطة أو نقطتین حول مسألة أهلیة المرشحین. مجلس صیانة الدستور المحترم یحرز أهلیة بعض الأفراد و لا یحرز أهلیة البعض الآخر. أذکر هنا ثلاثة نقاط: النقطة الأولی هی أن مجلس صیانة الدستور من واجبه من الناحیة القانونیة إحراز الأهلیات، فیجب علیه التشخیص و الوصول إلی نتیجة أن هذه الأهلیة متوفرة. طبعاً أوصینا دائماً أن لا یرفعوا سقف الأهلیات بحیث لا یشمل إلا عدداً محدوداً من الأفراد. لینظروا بمزید من المسامحة لسقف الأمور التی تسبّب الأهلیة.

النقطة الثانیة هی أن البعض یعترضون علی إشراف مجلس صیانة الدستور و عناصر الإشراف. و قد یکون اعتراضهم فی محله و صحیحاً فعلاً، و لکن ینبغی التنبّه إلی أننا یجب أن نسلّم للقرار الذی تتخذه مؤسسة قانونی مسؤولة موضع ثقة. کلنا یجب أن نتبع ما تقرره. مجلس الشوری الإسلامی مثلاً یشرّع قانوناً، و قد أکون معترضاً علی هذا القانون و أقول إن هذا القانون فیه عیب و خلل، لکنه قانون و یجب أن أعمل وفقاً له. حینما یتخذ موقع مسؤول موضع ثقة - مثل مجلس صیانة الدستور - قراراً فیجب التسلیم له و اتباعه.

النقطة الثالثة و أعلنها و لیعلم الجمیع أن الذین ترفض أهلیتهم لیسوا بالضرورة أفراداً غیر مؤهّلین. لا یسود الظن لأن فلاناً رفضت أهلیته فهو إذن لا أهلیة له إطلاقاً، لا. طبقاً للقانون لا یستطیع المشارکة فی الانتخابات کمرشح، و لکن قد یکون الموقع الذی رفض أهلیته قد أخطأ. و قد یکون غیر مؤهّل لهذا العمل لکن له أهلیات متعددة أخری. یجب أن لا یکون معنی رفض أهلیة شخص أنه فاقد لکل أهلیة و لکل شیء، لا، هناک أهلیات کثیرة أخری.

النقطة الأخیرة بشأن الانتخابات هی أن المسؤولین یجب أن لا یغفلوا عن مؤامرات الأعداء بخصوص قضیة الانتخابات. و الذین لا یحصلون علی الأصوات اللازمة فی الانتخابات لیحذروا من أن یقعوا فی الخدیعة التی وقع فیها الذین لم یحصلوا علی الأصوات فی سنة 88 . لیعتبر کل المرشحین و کل أنصارهم أنفسهم مسؤولین عن الأمن مقابل مؤامرة الأعداء المحتملة، و لا یتهموا الانتخابات، و لا یسندوا العدو و یعاضدوه، و لا یکون هناک فی الإعلام إیحاء و ترویج لأجواء الخلافات و الیأس، حتی تکون لنا انتخابات جیدة إن شاء الله.

بسم ‌اللّه ‌الرّحمن‌ الرّحيم‌

و العصر. إنّ الإنسان لفى خسر. إلّا الّذين آمنوا و عملوا الصّالحات و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصّبر.

الخطبة الثانیة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی سیّدنا و نبیّنا أبی القاسم المصطفی محمّد و علی آله الأطیبین الأطهرین، سیّما بقیّة الله فی الأرضین، و صلّ علی علیّ أمیر المؤمنین، و فاطمة الزهراء سیدة نساء العالمین، و صلّ علی الحسن و الحسین سیدی شباب أهل الجنة، و علی علیّ بن الحسین، و محمد بن علیّ، و جعفر بن محمد، و موسی بن جعفر، و علیّ بن موسی، و محمد بن علی، و علی بن محمد، و الحسن بن علیّ، و الخلف القائم المهدیّ، حججک علی عبادک و أمنائک فی بلادک، و صلّ علی أئمة المسلمین و حماة المستضعفین و هداة المؤمنین.

أدعو کل الإخوة و الأخوات المصلین مرة أخری لتقوی الله. ما نقوله فی الخطبة الثانیة عادة ذکرته لکم أیها الإخوة و الأخوات فی الخطبة الأولی. و فی هذه الخطبة أعتذر لکل المصلین الأعزاء و أخاطب إخوتنا العرب الذین یمرّون بفترة حساسة، و ألقی الخطبة بالعربیة.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمین، و الصلاة و السلام علی سیدنا و نبیّنا محمد و علی آله الطاهرین، و صحبه المنتجبین، و من تبعهم بإحسان إلی یوم الدین.

يا أبناء أمتنا الإسلامية في كل مكان

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله

أغتنم فرصة شهر ربيع الأول ، واقتراب أسبوع المولد النبوي، والذكرى الأولى لربيع الصحوة الإسلامية، ونهضة إخوتنا العرب رجالاً ونساءً من مصر وتونس وليبيا حتى البحرين واليمن وبعض البقاع الإسلامية الأخری، لأتقدم باسم الشعب الإيراني وجميع المسلمين في العالم بأحرّ التهاني وأطيب التبريك.

مرّ عام مفعم بالحوادث، فلأول مرّة في تونس ومصر روعيت حرمة رأي الشعب، وأدلت الجماهير بصوتها للتيار الإسلامي. وسيكون الأمر في ليبيا على هذا النحو أيضاً. وهذا التوجه الإسلامي المتصف برفض الصهيونية والدكتاتورية، وبطلب الاستقلال والحرية والتقدم تحت راية القرآن، سيكون المسير الحتمي والإرادة الحاسمة لجميع الشعوب الإسلامية. هذه الموجة التي فتحت صفحة جديدة في تاريخ إيران الإسلام أیضاً قبل ثلاثة عقود في مثل هذه الأيام (الثاني والعشرين من شهر بهمن المصادف للحادي عشر من شباط) وأنزلت أول ضربة بجبهة أمريكا والناتو والصهيونية، وأطاحت بأكبر دكتاتور علماني عميل في المنطقة.. أصبحت في الأيام نفسها وبالطريقة ذاتها وبالمطاليب عينها تعمّ الشرق الأوسط الإسلامي والعربي بأجمعه و الحمد لله.

إنّ إرادة الله سبحانه شاءت لهذه الشعوب أن تستيقظ. فقد حلّ قرن الإسلام وعصر الشعوب، وسيكون له التأثير على مصير كل البشرية. أما كان تدفّق الشباب والمثقفين في واشنطن ولندن ومدريد وروما وأثِنا بإلهام من ميدان التحرير؟!

لقد عمّت نهضة العودة إلى الإسلام واستعادة العزّة والهويّة والانعتاق أكثر مناطق العالم الإسلامي حساسيّة، وفي كل مكان يرتفع شعار «الله أكبر». الشعوب العربية لم تعد تتحمل الحاكم الدكتاتور وسيطرة العملاء والطواغيت. لقد ضاقت ذرعًا بما تعانيه من فقر وتخلّف وتحقير وعمالة. وجرّبت العلمانية في ظل الاشتراكية والليبرالية والقومية، ورأت أنها جميعاً وصلت إلى طريق مسدود. الشعوب العربية طبعاً ترفض أيضاً التطرف والعنف الطائفي والعودة إلى الوراء، والنعرات المذهبية والسطحية الساذجة المغلَّفة بالإسلام.

انتخابات تونس ومصر وشعارات وتوجّهات الشعوب في اليمن والبحرين وسائر البلدان العربية تدلّ بوضوح أنهم يريدون أن يكونوا مسلمين معاصرين دونما إفراط متعجرف أو تفريط متغرّب، وبشعار «الله أكبر» يريدون ضمن مشروع إسلامي وبالتأليف بين المعنوية والعدالة والتعقّل وبأسلوب السيادة الشعبية الدينية، أن يتحرّروا من قرن من التحقير والاستبداد والتخلّف والاستعمار والفساد والفقر والتمييز. وهذا هو الطريق الصحيح.

ما هي خصائص الأنظمة العربية التي تعرضت لغضب شعوبها؟

إنها معارضة التوجه الديني، والخضوع، والاستسلام والعمالة للغرب.. أي أمريكا وبريطانيا ونظائرهما، والتعاون مع الصهاينة وخيانة القضية الفلسطينية، والتسلط الدكتاتوري الأسَري والوراثي، وفقر العباد وتخلّف البلاد، إلى جانب الثروات الطائلة للعوائل الحاكمة، والتمييز وانعدام العدالة، وفقدان الحرية القانونية والمسائلة القانونية، كل هذه من الخصائص المشتركة لتلك الأنظمة.

حتى التظاهر بالإسلام أو الجمهورية في بعض المواضع لم يستطع أن يخدع الجماهير. هذه أوضح العلامات لمعرفة طبيعة نهضة الشعوب العربية، سواء تلك التي حققت انتصارات كبيرة، أو التي ستحقق ذلك بإذن الله تعالى.

كل ادعاء آخر بشأن طبيعة هذه الثورات التي انطلقت بشعار «الله اكبر» إنما هو تجاهلٌ للواقع من أجل أهداف مبطَّنة وبالتالي لدفع هذه الثورات نحو الانحراف.

هذه الأصول ستكون معياراً لمستقبل هذه الثورات وميزانًا لمدى أصالتها أو انحرافها، فإن الأشياء تُعرف بأضدادها، وتعرف الثورات بضدّيتها للأنظمة التي تزلزلت بفعلها. الثوريون يجب أن يواصلوا حذرهم من افتعال الأهداف الموهومة ومن محاولات تغيير الشعارات.

إنّ الغرب يسعى دون شك إلى أن يبدّل الثورات إلى ثورات مضادّة، ويحاول في النهاية أن يرمّم النظم القديمة بأسلوب جديد، ليبُقي سيطرته على العالم العربي لعشرات أخرى من السنين، وذلك بتفريغ مشاعر الجماهير وبالتقديم والتأخير بين الأصول والفروع، وتغيير صنائعه وإجراء إصلاحات شكلية متصنّعة، والتظاهر بالديمقراطية.

إنّ الغرب خلال عقود اليقظة الإسلامية وخاصة في السنوات الأخيرة بعد أن مُني بهزائم متلاحقة من إيران وأفغانستان حتى العراق ولبنان وفلسطين والآن من مصر وتونس وغيرها، سعى بعد فشله في نهج محاربة الإسلام واللجوء إلى العنف العلني، إلى نهج آخر وهو اصطناع البديل الكاذب والنموذج المزيّف، كي يجعل الإرهاب المعادي للإنسانية بدل العمليات الاستشهادية، و یجعل التعصب والتحجّر والعنف بدل التوجه الإسلامي والجهاد، والتعصب القومي والقبلي بدل الشعور بالانتماء الإسلامي والانتماء إلى الأمة الإسلامية، و یجعل التغرّب والتبعية الاقتصادية والثقافية بدل التطور القائم على أساس الاستقلال، والعَلمانية بدل العِلميّة، والمداهنة بدل العقلانية، والفساد والفوضى بدل الحرية، والدكتاتورية باسم حفظ الأمن والنظام، والروح الاستهلاكية والالتصاق بالأهداف الدنيوية التافهة والبذخ باسم التنمية والرقي، والفقر والتخلف باسم الزهد والمعنوية.

إن ما كان عليه العالم من انقسام إلى قطبين متصارعين حول القوة والثروة وهما الرأسمالية والشيوعية قد انتهى، واليوم فإن الاستقطاب بين مستضعفي العالم بقيادة النهضة الإسلامية وبين المستبكرين بقيادة أمريكا والناتو والصهيونية.

لقد برز إلى الساحة معسكران ولا معسكر ثالثاً لهما.

لا أريد في هذه الفرصة القصيرة أن استغرق في استعراض الماضي وفي تثمين يقظة الشعوب العربية. إننا والعالم بأجمعه دون شك نرنو إلى المنطقة، وننظر بعين التقدير لشعوبها الناهضة من الجزيرة العربية وحتى شمال أفريقيا. لكني أريد أن أتحدث عن الحاضر والمستقبل.

إنني في العام الماضي ومن هذا المنبر في صلاة الجمعة تحدثت إلى الشعب المصري النبيل حين كان ظلّ اللامبارك حسني يثقل على رؤوسهم، واليوم قد بدأت مرحلة جديدة والدكتاتور يمثل أمام المحكمة، وكلنا يحدونا الأمل بمستقبل نهضة مصر العزيزة وسائر العرب النشامى.

أطرح أولاً هذا السؤال: ماهي الأطراف المختلفة الحاضرة في ساحة الثورات؟

إنها طبعاً أولاً: أمريكا والناتو والنظام الصهيوني ومن لفّ لفهم وانخرط معهم في بعض الأنظمة العربية.

وثانياً: الجماهير عامة والشباب.

وثالثاً: الأحزاب والناشطون السياسيون الإسلاميون وغير الإسلاميين.

وما هي مكانة كل واحد من هذه الأطراف وما هي أهدافه؟

الفريق الأول: هم الخاسرون الأصليون في مصر وتونس وفي سائر البلدان الناهضة.

إنّ مشروعية وها هي اليوم موجوديّة القطب الرأسمالي والنموذج الليبرالي الديمقراطي الغربي يتعرض في داخل أوربا وأمريكا أيضاً لخطر الاضمحلال. وأصبحت بلدان هذا المعسكر في وضع يشبه وضع المعسكر الشرقي في الثمانينات من القرن الماضي. فالانهيارات الأخلاقية والاجتماعية، والأزمات الفريدة الاقتصادية، والهزائم العسكرية الكبرى في العراق وأفغانستان ولبنان وغزّة، وسقوط أو تزلزل أكثر النظم الدكتاتورية العميلة التابعة لهم في البلدان المسلمة والعربية، وخاصة فقدانهم مصر، وتعرض الكيان الصهيوني للخطر من الشمال والغرب ومن داخله بشكل لم يسبق له نظير، وانفضاح طبيعة التبعية والذيلية للمنظمات الدولية، والتعامل السياسي والمزدوج مع مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان، ووقوعهم في المواقف المتناقضة والمضطربة والمزدوجة تجاه مسائل ليبيا ومصر والبحرين واليمن. كل ذلك قد عرّض هذه المجموعة الأولى إلى أزمة ثقة عالمية وأزمة عميقة في قدرة اتخاذ القرار.

إنّ هدفهم الأكبر اليوم بعد عجزهم عن قمع الشعوب والسيطرة عليها هو السعي للسيطرة على غرفة قيادة الثورات واختراق الأحزاب الفاعلة، وحفظ ما أمكن من هيكل الأنظمة الفاسدة الساقطة والاكتفاء بالإصلاحات السطحية والمسرحية، وإعادة بناء عملائهم في داخل البلدان الثائرة، ثم اللجوء إلى عمليات تطميع وتهديد. وقد يلجأون في المستقبل إلى الاغتيالات أو شراء ذمم بعض الأفراد والجماعات من أجل وقف عجلة الثورات أو دفعها إلى الخلف، وبثّ اليأس في قلوب الجماهير أو إشغالها بصراعات داخلية بإثارة مسائل فرعية، وإضرام نيران العصبيات القومية والقبلية أو الدينية أو الحزبية واختلاق الشعارات المنحرفة لتغيير الثورات، والتأثير المباشر أو غير المباشر على أذهان الثوريين وألسنتهم، ودفعهم إلى ألاعيب سياسية أو إثارة الفُرقة بينهم ثم توسيع نطاق هذه التفرقة لتشمل فئات الناس، والسعي للمساومة خلف الكواليس مع بعض الخواص بالوعود الكاذبة كالمساعدات المالية وغيرها وغيرها من عشرات الحيل الأخرى مما أشرت إلى نماذج منها من قبل في المؤتمر العالمي للصحوة الإسلامية بطهران.

إنّ بعض الأنظمة التابعة والمحافظة العربية أيضاً تقف إلى جانب أمريكا والناتو، ولو من أجل حفظ كراسيها، وتسعى بكل قواها لإيقاف عجلة الزمن ودفع ثورات المنطقة إلى الوراء أو سوقها نحو طريق مجهول، ورأسمالهم الوحيد في هذه المساعي دولارات النفط، وهدفهم الأساس هزيمة الشعوب في مصر وتونس واليمن والبحرين.. وحفظ ثبات الكيان الصهيوني وضمان بقائه وإنزال الضربة بجبهة المقاومة في المنطقة.

أما المجموعة الثانية والأصلية فهي الشعوب.

ماذا تريد الشعوب؟

أرقام الإحصائيات الأمريكية المكررة في مصر وأكثر البلدان الإسلامية تكشف عن الواقع وتقول لهم: إن ميزان التوجه نحو المساجد والالتزام بالمظاهر الإسلامية ومنها الحجاب والزيّ الإسلامي للمرأة قد ازداد - خلال السنوات الخمس من ألفين وثلاثة إلى ألفين وثمانية- بنسبة أربعين إلى خمس وسبعين بالمائة بين الشعوب من مصر والأردن حتى تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان الإسلامية.

كما ازداد ميزان السخط والنفور من أمريكا بمعدل خمس وثمانين بالمائة في البلدان العربية والإسلامية وقد تضاعف الأمل بالنصر والمستقبل بين الشباب خاصة بعد مشاهدة انتصارات شباب حزب الله وحماس في حربي الثلاثة والثلاثين يوماً والإثنين وعشرين يوماً وبعد اندحار وهزيمة أمريكا دونما مكاسب من العراق.

الشخصيات المحبوبة بين شباب مصر، وفق تلك الإحصائيات، هم المجاهدون المسلمون ضد الكيان الصهيوني.

النفرة من الصهيونية، والاهتمامُ بالقضية الفلسطينية والتمسكُ بالعزّة الإسلامية من الخصائص الأصلية للشعوب. خمسٌ وسبعونَ بالمائة من الشعب المصري أدلى بصوته لصالح الشعارات الإسلامية. في تونس أيضاً رفعت الأكثرية هذا اللواء، وفي ليبيا فإن النسبة إن لم تكن أكثر فليست بأقل. والشعوبُ تطلب من مندوبيها ومن الحكومات الجديدة تحقيقَ هذه الأهداف نفسِها أيضاً في المستقبل. الشعب يريد مصرَ عزيزةً كريمة ومحترمة وحرّة، لا يريد مصر كمب ديفيد. لا يريد مصرَ الفقيرةَ والتابعة، لا يريد مصرَ الخاضعةَ لأوامر أمريكا والحليفة لإسرائيل، لا يريد مصرَ متحجرةً ومتطرفةً ولا مصر متغرّبةً وعلمانيةً وتابعة. مصرُ الحرةُ العزيزة والإسلامية والمتطورةُ هي المطلبُ الأساس للشعب والشباب ولا يبغون اصطداماً. جيشُ مصر مع الشعب، وهناك في داخل مصر وخارجها من يريد الوقيعةَ بين الجيش والشعب في المستقبل، على الجميع أن يكونوا على حذر شديد. الجيش المصري سوف لا يتحمّل نفوذ أمريكا وحلفاء إسرائيل.

كذلك فإن الحديث حين يدور حول التوجه الإسلامي في مصر أو تونس أو ليبيا فإنه إسلام رسول الله (صلى الله عليه وآل وسلم) هذا الإسلام الذي شمل في المدينة أهلَ الذمة من المسيحيين واليهود بالرحمة والأمن، وليس الإسلام بمعنى إثارة الحروب الدينية بين عباد الله، ولا بمعنى الحرب المذهبية والطائفية بين المسلمين. مصر هي مصر دار التقريب بين المذاهب الإسلامية والشيخ شلتوت.

على أهلنا في مصر وتونس وليبيا أن يعلموا أن ما حققوه هو ثورة لم تكتمل، فهم وإن قطعوا خطوات رحبة، فإنهم في بداية طريق ذات الشوكة. العقبات التي أوجدوها أمامنا بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولا تزال مستمرة، وقد فشلت بفضل الله ورحمته الواحدة تلو الأخرى، هذه العقبات فاقت مئات المرات ما كان أمامنا قبل سقوط نظام الشاه. لابدّ من التحلّي باليقظة وبدفع عجلة الثورة خطوة فخطوة حتى آخر المراحل ضمن برنامجٍ متوسطِ الأمد وطويلِ الأمد.

نظام طواغيت مصر كان أول حكومة عربية خانت القضية الفلسطينية وفتح الطريق أمام التراجع العربي، حتى أن الأنظمة العربية إلا واحداً - هو سوریا - باعوا فلسطين، واتجهوا إلى مصالحة الصهيونية. إن النظام المصري البائد كان أحد نظامين عربيين هما موضع ثقة أمريكا وإسرائيل. والرئيس الأمريكي المرائي الحالي اختار مصر حسني مبارك ليوجّه رسالة الخداع والنفاق إلى المسلمين، لكن الشعب المصري في ثورته أعلن موقفه بوضوح، وأزال الأوهام من أذهان الجميع.

إن مصر اليوم يجب أن تستعيد دورها في الخط المقدم للدفاع عن القضية الفلسطينية، وأن تسحق بأقدامها معاهدة كمب ديفيد الخيانية وتحرقها. مصر الثورة لم تعد تستطيع أن تغدق بالطاقة والغاز على الكيان المتدهور الإسرائيلي على حساب قوت الشعب المصري ومعاناته.

أما مخاطبنا الثالث فهم الأحزاب والنُخب السياسية في مصر وسائر البلدان الناهضة.

إن المفكرين والمناضلين الإسلاميين في شمال أفريقيا من مصر وتونس وحتى الجزائر والمغرب، وخاصة مصر،كانوا يحتلون مكانة الأبوّة الفكرية للصحوة الإسلامية، ولدعاة وحدة الأمة وعزّتها، ثم لتحرير القدس. أنتم اليوم ترثون دماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف ممن عانوا زنزانات السجون والنفي والتعذيب، وما بذله المجاهدون والمناضلون ممن قدموا التضحيات خلال عقود متوالية في انتظار بزوغ فجر مثل هذه الأيام وهذه الانتصارات.

أيها الإخوة والاخوات. حافظوا على هذه الأمانة الكبرى. الغرور والسذاجة آفتان كبيرتان لمرحلة ما بعد الانتصار الأول. أنتم تتحملون المسؤولية الأكبر في ساحة إقامة النظام وصيانة مكتسبات الشعب وحلّ مشاكل النهضة. القوى العالمية والإقليمية التي نزلت بها الضربة تخامر ذهنَها دون شك أفكار شيطانية من التفكير بالحذف والانتقام إلى مشروع ممارسة المكر والتزلزل والإخافة والتطميع بحقكم، وبالنهایة تفكر في الإطاحة بالثورات وخلق أوضاع أسوأ مما كانت عليه و العیاذ بالله.

إن قراراتكم ومواقفكم وإقداماتكم ستكون لها أبعاد تاريخية، وهذه المرحلة هي «ليلة القدر» في تاريخ بلدانكم.

لا تثقوا بأمريكا والناتو. هؤلاء لا يفكرون بمصالحكم ومصالح شعبكم. وكذلك لا ترهبوهم. فهؤلاء واهون ويزدادون ضعفًا بسرعة. حاكميتهم على العالم الإسلامي كانت فقط نتيجة خوفنا وجهلنا خلال مائة وخمسين عامًا. فلا تعقدوا عليهم الآمال، ولا تخافوهم . اعتمدوا فقط على الله سبحانه و ثقوا فقط بشعبكم . هؤلاء انهزموا في العراق وخرجوا بخفّي حنين. وفي أفغانستان لم يكسبوا شيئًا، وفي لبنان انهزموا أمام حزب الله، وفي غزّة أمام حماس. وها هم الآن ينزلون من صياصيهم في مصر وتونس بيد الشعب. لم يتحقق أي تقدم في برنامجهم. الصنم الغربي قد انهزم مثل الصنم الشيوعي وانهار جدار خوف الشعوب، فاحذروا أن يعيدوا إليكم الشعور بالخوف في المستقبل.

إحذروا ألاعیبهم، وكذلك احذروا ألاعيب الدولارات النفطية لعملاء الغرب وحلفائه من العرب، إذ سوف لا تخرجون بسلام في المستقبل من هذه الألاعيب. إسرائيل زائلة لا محالة ولا ينبغي أن تبقى وسوف لا تبقى بإذن الله تعالى. بدء الانحراف في الثورات الراهنة هو الرضوخ لبقاء الكيان الصهيوني، ومواصلة محادثات الاستسلام التي وضعت أساسها الأنظمة الساقطة.

المطلب الأساس لشعوبكم العودة إلى الإسلام، وهو لا يعني طبعًا العودة إلى الماضي. لو أن الثورات حافظت بإذن الله على طابعها الحقيقي واستمرت ولم تتعرض للتآمر أو الاستحالة، فإن المسألة الأساس لكم هي كيفية إقامة النظام وتدوين الدستور وإدارة شؤون البلاد والثورات. وهذه هي نفسها مسألة إعادة بناء الحضارة ا لإسلامية في العصر الحديث.

في هذا الجهاد الكبير، مهمتكم الأصلية ستكون جبران ما عاناه بلدكم في حقب التخلف، والاستبداد، والابتعاد عن الدين، والفقر، والتبعية، في أقصر مدّة بإذن الله، وستكون كيفية بناء مجتمعكم بتوجّه إسلامي وبأسلوب حاكمية الشعب مع مراعاة العقلانية والعلم، وتتجاوزوا التهديدات الخارجية واحدة بعد أخرى، وكيف تؤسسون «الحرية والحقوق الاجتماعية» بدون الليبرالية، و«المساواة» بدون «الماركسية»، و«النَّظم والانضباط» بدون «الفاشية الغربية». حافظوا على التزامكم بالشريعة الإسلامية التقدمية دون أن تقعوا في جمود وتحجّر، واعرفوا كيف تكونون مستقلين دون أن تنزووا، وكيف تتطورون دون أن تكونوا تابعين، وكيف تمارسون الإدارة العلمية دون أن تكونوا علمانيين ومحافظين.

تجب إعادة قراءة التعاريف وإصلاحها. الغرب يقترح عليكم نموذجين: «الإسلام التكفيري» و«الإسلام العلماني»، وسوف يواصل التلويح بذلك كي لا يستقوي الإسلام الأصولي المعتدل والعقلاني بين ثورات المنطقة. استعيدوا تعريف الكلمات مرة أخرى وبدقّة.

إذا كانت «الديمقراطية» بمعنى الشعبية والانتخابات الحرة في إطار أصول الثورات فلتكونوا جميعاً ديمقراطيين. وإذا كانت بمعنى السقوط في شراك الليبرالية الديمقراطية التقليدية ومن الدرجة الثانية فلا يكن أحد ديمقراطياً.

و«السلفية» إذا كانت تعني العودة إلى أصول القرآن والسنة والتمسك بالقيم الأصيلة ومكافحة الخرافات والانحرافات وإحياء الشريعة ورفض التغرّب فلتكونوا جميعًا سلفيين، وإذا كانت بمعنى التعصّب والتحجّر والعنف في العلاقة بين الأديان أو المذاهب الإسلامية فإنها لا تنسجم مع روح التجديد والسماحة والعقلانية التي هي من أركان الفكر والحضارة الإسلامية، بل ستكون داعية لرواج العلمانية والتخلّي عن الدين.

كونوا متشائمين من الإسلام الذي تطلبه واشنطن ولندن وباريس، سواء من النوع العَلماني المتغرّب، أو من نوعه المتحجّر والعنيف. لا تثقوا بإسلام يتحمّل الكيان الصهيوني لكنه يواجه المذاهب الإسلامية الأخرى دونما رحمة، ويمدّ يد الصلح تجاه أمريكا والناتو لكنه يعمد في الداخل إلى إشعال الحروب القبلية والمذهبية. وراء هذا الإسلام من هم أشداء على المؤمنين رحماء بالكافرين.

كونوا متشائمين من الإسلام الأمريكي والبريطاني إذ إنه يدفعكم إلى شَرَك الرأسمالية الغربية والروح الاستهلاكية والانحطاط الأخلاقي.

في العقود الماضية كانت النخب وكذلك الحكام يفخرون بمقدار قوة تبعيتهم لفرنسا وبريطانيا وامريكا أو الاتحاد السوفيتي السابق، وكانوا يفرون من النموذج الإسلامي، والأمر اليوم على عكس ذلك.

اعلموا أن الغرب سيكون في صدد الانتقام.. الانتقام الاقتصادي والعسكري والسياسي والإعلامي.

لو أن شعوب مصر وتونس وليبيا وغيرها من الشعوب واصلت طريقها نحو الله بإذن الله فمن الممكن أن تتعرض لهذه التهديدات.

وأما الكلام الأخير، فهو إعلان استعداد الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني الكبير لخدمتكم والتعاون معكم و خدمة بعضنا البعض.

الثورة الإسلامية الإيرانية هي التجربة الإسلامية الأكثر نجاحًا في العصر الحديث على صعيد إعادة الثقة بالنفس إلى الجماهير، وإعادة الثقة إلى النخب بالجماهير، وعلى صعيد رفض أسطورة القوة التي لا تقهر للأنظمة الطاغوتية وأربابها، وفي ساحة كسر غرور الشيوعية والرأسمالية، وتقديم نماذج فاعلة للتطورات الكبرى في البلاد، مع حفظ سيادة الشعب والدفاع عن القيم الأساسية.

أیها الإخوة و الأخوات، لسنوات يوجهون إليكم أكاذيب بشأن إخوتکم الإیرانیین، والحقيقة بشأن إيران الإسلام هي هذه التي أبينها لكم:

ثورتنا حقّقت انتصارات في العقود الثلاثة الأخيرة، وكانت لها نقاط ضعف أيضًا. لكن أية نهضة إسلامية في العالم بعد سيطرة الغرب والشرق على المسلمين في القرن الماضي لم تتقدم إلى هذا الحد ولم تتجاوز كل هذه الموانع.

لنا معكم أيها الإخوة حديث طويل في المستقبل إن شاء الله. في الإعلام الرأسمالي وأبواق الصهيونية العالمية «إيران» متهمة بالإرهاب ،‌وما ذلك إلا لأنها رفضت أن تترك الإخوة العرب في فلسطين ولبنان والعراق لوحدهم وأن تعترف بالمحتلين، والحال أننا أكبر ضحية للإرهاب في العالم، وهذا الإرهاب لا يزال مستمرًا بحقنا.

لو أن الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية قد تركت الإخوة المظلومين في أفغانستان والبوسنة ولبنان والعراق وفلسطين لشأنهم كما فعلت سائر الحكومات المتظاهرة بالإسلام، ولو كنا مثل أكثر الأنظمة العربية التي خانت القضية الفلسطينية، قد آثرنا السكوت وطعنّا من الخلف، لما وصمونا بمساندة الإرهاب والتدخل. نحن نفكر بتحرير القدس الشريف وكل الأرض الفلسطينية،‌هذه هي الجريمة الكبرى التي يرتكبها الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية!!

إنهم يتحدثون عن التمدد الإيراني والشيعي، بينما لم نعتبر الثورة الإسلامية إطلاقًا شيعية صرفة أو قومية وإيرانية، ولن نعتبرها كذلك أبدًا. خلال العقود الثلاثة ما دفعنا ثمنه وتعرضنا من أجله للتهديد إنما هو توجهنا الإسلامي وانتماؤنا إلى الأمة الإسلامية وشعار الوحدة والتقريب المذهبي والحرية والعزّة للمسلمين جميعًا من شرق آسيا حتى عمق أفريقيا وأوربا.

إيران الإسلام قطعت خطوات رحبة فريدة في ساحة العلم والتقانة والحقوق الاجتماعية والعدالة الاجتماعية والتنمية والصحة وتأمين كرامة المرأة وحقوق الأقليات الدينية وغيرها من الساحات. ونحن نعرف أيضاً مواضع ضعفنا وبعون الله وقوته نعمل على علاجها إن شاء الله.

معادلة المقاومة في المنطقة قد تغيرت بمساعدة الجمهورية الإسلامية، وارتقاء الحجر في يد الفلسطينيين إلى «صاروخ في جواب الصاروخ» في غزة وسائر فصائل المقاومة الإسلامية أمام المحتلين.

إيران لا تستهدف نشر التوجّه الإيراني أو الشيعي بين المسلمين. إيران تنهج طريق الدفاع عن القرآن والسنة وإحياء الأمة الإسلامية. الثورة الإسلامية تعتقد أن مساعدة المجاهدين من أهل السنّة في منظمات حماس والجهاد، والمجاهدين الشيعة في حزب الله و أمل واجبًا شرعيًا وتكليفًا إلهيًا دونما تمييز بين هذا وذاك. وحكومة إيران تعلن بصوت مرتفع قاطع أنها تؤمن بنهضة الشعوب (لا بالإرهاب)، وبوحدة المسلمين (لا بالغلبة والتناحر المذهبي)، وبالأخوة الإسلامية (لا بالتعالي القومي والعنصري)، وبالجهاد الإسلامي (لا بالعنف تجاه الآخر)، وهي ملتزمة بذلك إن شاء الله.

أسأل الله سبحانه أن يمنَّ على كل الشعوب المسلمة بالسعادة والسؤدد، وأن يوفقنا لفهم مسؤولياتنا الثقيلة والنهوض بها، وأن نعلم بيقين أن الله غالب على أمره.

عباد الله اتقوا الله وكونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً.أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

بسم الله الرحمن الرحیم.. إذا جاء نصر الله و الفتح و رأیت الناس یدخلون في دین الله أفواجاً فسبّح بحمد ربّک و استغفره إنه کان تواباً.

و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته.

 


1 - سورة إبراهيم، الآیة 24 .
2 - شرح نهج‌ البلاغة، ج 20، ص 319 .
3 - سورة آل عمران، الآیة 164 .
4 - سورة يوسف، الآیة 21 .


 در این رابطه از خارج از این پایگاه:
صوت دو خطبه با کیفیت 128kb
الصّوت الخطبة الجمعة لسماحة الإمام سيد علي الخامنئي (مدّ ظلّه) باللغة العربية بجودة عالية


بیانات و مطالبی در این رابطه با موضوعات:

دغدغه‌های امت

دغدغه‌های امت

صدر عراق/ به مناسبت سالگرد شهادت آیت الله سید محمدباقر صدر
شماره ۲۶۲ هفته نامه پنجره به مناسبت سالگرد شهادت آیت الله سید محمدباقر صدر، در پرونده ویژه‌ای به بررسی شخصیت و آرا این اندیشمند مجاهد پرداخته است. در این پرونده می‌خوانید:

-...

رادیو اینترنتی

نمایه

صفحه ویژه جنگ ۳۳ روزه
بخش کوتاهی از مصاحبه سید حسن نصرالله با شبکه المیادین به روایت دوربین دوم

نماهنگ

کتاب


سید حسن نصرالله