بسم الله الرحمن الرحیم
و إن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
جوامع
سید حسن نصرالله، دبیر کل حزب‌الله لبنان: بیانات در مراسم افطاری مدیریت فعالیت‌های زنان سازمان حمایت از مقاومت اسلامی

بیانات

15 مرداد 1391

سخنرانی سید حسن نصرالله، دبیر کل حزب الله لبنان، در مراسم افطاری مدیریت فعالیت‌های زنان سازمان حمایت از مقاومت اسلامی

|عربی|فیلم|صوت|
در حال ترجمه
بخش‌هایی از متن بیانات:

بر خودم لازم می‌بینم کمی به حادثه‌ی اسف‌باری که در سینا و نزدیک مرزها رخ داد بپردازم. حادثه‌ای که به گفته‌ی رسانه‌ها در آن 50، 60 یا بیش‌تر یا کم‌تر افسر و سرباز مصری کشته، تعدادی نیز زخمی و کشته شدگان -باز هم بر عهده‌ی رسانه‌ها- هنگام افطار سر بریده شدند. قاعدتا این حادثه بسیار ناراحت‌کننده و دردآورد است. امروز بر ما واجب است که بگوییم این تجاوز از جانب هر جریانی که صورت گرفته باشد محکوم است. و آن‌چه رخ داد واقعا یک جنایت است. و ناراحت‌کننده‌تر این که این کار به اسلام، دین، جهاد و مقاومت نسبت داده می‌شود یا برچسب‌ها و نام‌هایی از این دست بر آن زده می‌شود. بنده پس از محکوم کردن، به سران مصر، ارتش مصر و فرماندهان، افسران و سربازان و خانواده‌های افسران و سربازان شهید تسلیت می‌گویم و از خداوند (سبحانه و تعالی) برای آنان رحمت و برای زخمی‌ها سلامت طلب می‌کنم. طبیعتا به نظر بنده بیش‌ترین کسی که از این حادثه سود می‌برد اسرائیل است. و نتیجه‌ها و پیامدهای این حادثه را چه در مصر و چه در فلسطین درو خواهد کرد. به همین خاطر انسان -گرچه ابتدائا- می‌تواند بگوید این حادثه مشکوک است. یعنی زمینه‌ها، هدف‌ها و جزئیات آن را شبهه‌ناک تلقی می‌دانیم. متأسفانه نوار غزه که با تحولات جدیدی که در مصر رخ داد در انتظار رهایی و بازگشت به زندگی معمولی بود، دوباره تا اطلاع ثانوی به محاصره -آن هم نه تنها در قالب بستن گذرگاه‌ها که حتی در قالب بستن تونل‌ها- بازگشت. و نمی‌دانیم کارها به کجا خواهد کشید. مصریان نیز دارند هزینه می‌دهند و کسانی هستند که می‌خواهند مصر، ملت، ارتش، مسلمانان، مسیحیان و نیروهای سیاسی آن را به فتنه‌ای کور بکشانند. و بار دیگر می‌گویم اولین و بیش‌ترین کسی که از این ماجرا بهره‌خواهد برد اسرائیل است. بنده در برابر این رخداد: اولا به عنوان یک اسلام‌گرا -چون ما ذیل اسلام‌گرایان تقسیم‌بندی می‌شویم.- و مشخصا مقاومت اسلامی می‌خواهم به شما خواهران و همه‌ی بینندگان و شنوندگان تأکید کنم این عملیات‌ها و حوادث به هیچ وجه به اسلام، دین، قرآن و شریعت، ارزش‌ها، اخلاق و عقاید اسلام ربطی ندارند. و مطلقا به هیچ بخشی از شریعت پیامبران و رسالت‌های آسمانی ارتباطی ندارند. و این کارها همان چیزهایی است که ما همیشه نسبت به آن هشدار می‌دهیم. این نوع عقلانیتی که تفکر یا رخداد مشخصی را به اسلام نسبت می‌دهد در حالی که اسلام با آن هیچ نسبتی ندارد و بلکه همه‌ی پیامبران و رسولان خداوند، ادیان آسمانی، عقل بشر و ارزش‌ها و فطرت انسان نمی‌توانند این منطق بپذیرند. همین عقلی که هنگام بروز کوچک‌ترین اختلاف عقیدتی، دینی یا سیاسی با دیگران، راهبرد ذبح و کشتار را پیاده می‌کند و خون، ما یملک و آبروی دیگران را حلال می‌شمارد. و متأسفانه امروز ما در بسیاری از کشورهای جهان عرب و اسلام شاهد آن هستیم. و همان‌گونه که در گذشته گفته‌ام، این نوع عقلانیت امروز از بزرگ‌ترین تهدیدها علیه ملت‌ها، جامعه و منطقه‌ی ما محسوب می‌شود. بنده در گذشته گفته‌ام و امروز بار دیگر می‌گویم که برای امنیت، صلح، ثبات، وحدت و آرامش منطقه دو تهدید حقیقی وجود دارد: اول اسرائیل و دوم این عقلانیت تکفیرگر کشتار و ذبح کننده. عقلانیتی که برای انتشار آن در جهان عرب و اسلام تلاش می‌شود. و دولت‌ها و حکومت‌هایی در پشت پرده میلیاردها دلار از نفت عرب را که باید به فقرا، بی‌چارگان، بی‌سوادان، بیماران و بی‌کارها اختصاص پیدا کند، در این راه خرج می‌کنند.

چند روز پیش در یمن -آن فردی که به او در جنوب یمن حمله شد و این که چطور آدمی است به من ربطی ندارد. اصلا من نمی‌شناسمش.- ولی یکی از همین سازمان‌ها چند روز پیش برای این که یک مسئول یمنی را بکشد یک انتحاری را وارد یک مجلس عزاداری مملو از جمعیت می‌کند و او خود را منفجر می‌کند و 45 نفر از مردم بی‌چاره‌ی حاضر در مجلس عزاداری کشته و 50 نفر زخمی می‌شوند و هدف ترور هم کشته نمی‌شود! فرد انتحاری هم البته کشته می‌شود. این عقلانیت این است.

عربی:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا خاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين.

السيدات العزيزات والأخوات الكريمات السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته .

أولاً، أرحب بكم جميعاً في هذا الحشد السنوي، الإفطار السنوي الذي تقيمه مديرية الأنشطة النسائية لهيئة دعم المقاومة الاسلامية .

وأشكر لكنّ حضوركنّ وتأييدكنّ ودعمكنّ المتواصل، اليوم وعلى مدى كل الأيام الماضيّة والسنوات الماضية أرحب بكنّ الاخوات الحاضرات المشاركات في هذا الافطار معنا في بيروت، في صور، في البقاع، في صيدا، وفي بنت جبيل، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً مؤيدين وداعمين ومساندين، أن نكون حفظة حقيقيين لأمانة هذه المقاومة.

كذلك في البداية يجب أن أتوجه بالشكر إلى أخواتي العزيزات والكريمات العاملات في مديرية الأنشطة النسائية في هيئة دعم المقاومة على جهودهنّ وجهادهنّ المتواصل خلال كل السنوات الماضية ودأبهنّ وسعيهنّ المستمر في خدمة هذه المقاومة وفي التواصل مع جمهورها ومع أهلها، لأن الدعم الذي نتحدّث عنه هو بالدرجة الأولى هو دعم معنوي ودعم اخلاقي ودعم إنساني، ويأتي في الدرجة الثانية الدعم المادي.

من الطبيعي في هذا الحفل الذي عنوانه المقاومة ودعم المقاومة أن أتحدث عن المقاومة وأن أستكمل ما كنت قد بدأته من حديث في الافطار السابق مع السادة الرجال والضيوف الكرام الذين كنا في خدمتهم قبل أيام أيضاً على مائدة هيئة دعم المقاومة الاسلاميّة. ولكن قبل أن أدخل إلى موضوعي أجد من واجبي أن نتوقف قليلاً أمام الحادثة الماساوية التي حصلت في سيناء عند الحدود وما تعرض له ضباط وجنود مصريون، حيث ذكرت وسائل إعلام أنه قتل او أستشهد 15 أو 16 أكثر أو أقل ضابط وجندي مصري وجرح أخرون، وأيضا على ذمة الاعلام أنهم قتلوا ذبحا وعند وقت الافطار.

طبعا هذه حادثة محزنة ومؤلمة جداً، من واجبنا اليوم أن نقول إنّ هذا الاعتداء مدان من أي جهة أتى وما حصل هو جريمة حقيقية ومن المحزن أكثر أن هذا الأمر يُنسب إلى الإسلام وإلى الدين وإلى الجهاد وإلى المقاومة، أو يرفع هو شعارات وعناوين من هذا النوع,

أنا بعد الادانة أتوجه بالتعزية طبعاً إلى القيادة المصرية، إلى الجيش المصري قيادة وضباطاً وجنوداً وإلى عائلات الضباط والجنود الشهداء، وأسأل الله تعالى لهم الرحمة وللجرحى العافية.

طبعاً هذه الحادثة باعتقادي أن الرابح الأكبر فيها هو إسرائيل، وهي التي سوف تحصد نتائج وتداعيات هذه الحادثة سواءً على المستوى المصري أو على المستوى الفلسطيني، ولذلك يمكن للإنسان، ولو من ناحية أولية، أن يقول إن هذه الحادثة ـ أخلاقيّاً ـ مشبوهة، يعني نضعها في دائرة الشبهة، في خلفياتها، في إستهدافاتها في تفاصيلها.

قطاع غزة ـ للأسف الشديد ـ الذي كان ينتظر الانفراج والعودة إلى الحياة الطبيعية مع التحولات الجديدة التي حصلت في مصر، عاد إلى الحصار من جديد، ليس فقط إغلاق المعابر بل حتى إغلاق الانفاق وحتى إشعار آخر. ولا ندري إلى أين ستصل الامور، المصريون أيضاً يدفعون الثمن وهناك من يريد أن يأخذ مصر وشعبها وجيشها ومسلميها ومسيحييها وقواها السياسية إلى الفتنة المتنقلّة في أكثر من ساحة.

 وأعود وأقول إن المستفيد الأول والأكبر هو الاسرائيلي.

إنني امام هذا الحدث ـ أولا كإسلامي بإعتبار أننا مصنفون كإسلاميين، وكمقاومة إسلاميّة بالتحديد، أود أن أؤكد لكنّ ولكل المشاهدين والمستمعين أن هذا النوع من العمليات أو من الأحداث لا صلة له أساساً بالاسلام ولا بالدين ولا بالقرءان ولا بالشريعة الاسلامية ولا بالقيم الانسانية ولا بالاخلاق الاسلامية ولا بالمبادئ الاسلامية ولا صلة له على الاطلاق بأي شيء من شرائع الانبياء ورسالات السماء على الاطلاق، وهذا ما كنا دائما نحذر منه. هذا العقل الذي ينسب الى الاسلام فكراً معيناً أو موقفا معيناً والاسلام بريء  بالمطلق، بل كل أنبياء الله ورسل الله والديانات السماوية والعقل البشري والقيم الانسانية والفطرة الانسانية ٍلا يمكن أن تقبل هذا المنطق. هو هذا العقل نفسه الذي يتبنى إستراتيجية الذبح والقتل لمجرّد الاختلاف مع الآخر عقائدياً أو دينياً أو سياسياً فيستبيح الدماء والاموال والاعراض، وهذا ما نشهده اليوم في الكثير من بلدان عالمنا العربي والاسلامي للأسف الشديد. وكما ذكرت سابقاً هذا يعتبر اليوم من أكبر التهديدات لشعوبنا  ومجتمعنا ومنطقتنا.

أنا قلت في السابق وأعود الليلة وأقول، هناك تهديدان حقيقيان للأمن والسلام والاستقرار والوحدة والطمأنينة في هذه المنطقة: أولا إسرائيل وثانيا هذا العقل التكفيري التقتيلي التذبيحي والذي يُعمل على نشره في العالم العربي والاسلامي وتقف خلفه حكومات ودول تموله بمليارات الدولارات من النفط العربي الذي يجب أن يُنفق على الفقراء والمساكين والأميين والمرضى والعاطلين عن العمل، ينفق في هذا السياق.

قبل يومين في اليمن، انا ليس لي شأن فيما إذا كان هذا الشخص المستهدف في جنوب اليمن، "آدامي أو مش آدامي" أصلا أنا لا أعرفه، ولكن تنظيم من هذا النوع قبل يومين، من أجل أن يقتل مسؤولا يمنياً دخل الى مجلس عزاء ممتلىء بالناس، دخل إنتحاري وفجّر نفسه، قتل خمسة وأربعين من الناس المساكين الموجودين في  مجلس العزاء وجرح خمسين، والمستهدف في القتل لم يقتل، طبعا الانتحاري قتل.

هذا هو العقل، لذلك امام هذه الحادثة، تارة نقف أمام النتائج والتداعيات وتارة يجب ان نستيقظ جميعا لأن هذا العقل جعل الأمة كلها، وسيجعلها، تدفع المزيد من الأثمان على حساب قيمها وعلى حساب دينها وعلى حساب مقدساتها وعلى حساب شعوبها وعلى حساب دمائها وكراماتها.

طبعاً نضم إلى هذا، في هذه الايام الحزينة المؤلمة، ما يجري حولنا في المنطقة كلها. في سوريا قتال ونزيف ودمار وضحايا وخطف زوار لبنانيين وإيرانيين،  وعائلات تعيش القلق والخطر. في العراق تفجيرات متنقلة في أكثر من مدينة. في البحرين إعتداء على الناس المسالمين، في القطيف، المجازر في بورما، كل ما يجري من حولنا للأسف الشديد ليس هناك ما يدعو الى الفرحة أو البهجة أو الى السعادة، مع أن هذه الايام هي أيام فرح بضيافة الله سبحانه وتعالى.

وهنا طبعا يسجل غياب الحكومات والدول والانظمة، كلهم اليوم، ما حدا مشغول كيف يلم هذه الجراح، بل للأسف الشديد الجميع متورط في تعميق هذه الجراحات، في دفع الأمور الى المزيد من الأزمة، الى المزيد من الشدة، الى المزيد من الصعوبات، على كل حال أحببت في البداية لأن طبيعة الاحداث تفرض علينا في البداية موقفا من هذا النوع .

أعود إلى حديثي الأصلي، وأريد أن أتحدث وأستفيد من هذه المناسبة الهادئة وأتحدث بهدوء في سياق النقاش القائم في البلد.

من الطبيعي اليوم أن قضية المقاومة هي قضية ذات إهتمام متواصل، محلي وإقليمي ودولي، ليس الآن بل منذ سنوات طويلة، ولكن خصوصاً في ما بعد سنة 2000، يوجد إهتمام أكبر لأن هناك مستوى عالياً من الإستهداف لهذه المقاومة، أنا أحب أن أُكمل ما تحدثت به قبل أيام، في مناقشة ما يرتبط بالمقاومة والنقاشات الموجودة اليوم في لبنان ولكن بشكل هادىء، لنتكلم كلاماً عاقلاً، ولذلك أنا لا أريد في هذه الليلة أن أقدم خطاباً حماسياً ولا أن أطلق مواقف بقدر ما أريد أن أعالج وأن أناقش لأنه نحن كلنا مسؤولون وشركاء في تحمل هذه المسؤولية.

أخواني أخواتي الكريمات والعزيزات، يوجد واقع وحقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها اليوم، أنه بالنسبة إلى الإسرائيلي، عندما ينظر إلى المنطقة يعتبر أن المقاومة في لبنان باتت في الحقيقة تشكل التهديد الأول لمصالحه ولعدوانه ولأطماعه ولمشاريعه، هذا واضح من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين منذ عام 2000 ولغاية اليوم، أي أننا نستطيع أن نأتي بأرشيف إثنتي عشرة سنة ونرى أنه لا يوجد مسؤول سياسي أو مسؤول عسكري أو مسؤول أمني أو خبير في كيان العدو إلا ويتكلم بهذا المنطق.

في الأونة الأخيرة، وفي تقرير كشفه خبراء إستراتيجيون أميركيون، قالوا بصراحة إن التهديد رقم واحد أو المشكلة رقم واحد بالنسبة لإسرائيل في المنطقة اليوم هي حزب الله، هي المقاومة في لبنان.

هذا إلى أين يصل بنا، إنه يصل بنا إلى حقيقة أسمها أن إسرائيل إذا أرادت أن تعتدي على لبنان هناك من تخشاه، وهذا مهم جداً.

في السابق لم يكن الموضوع هكذا، هذا بالحقيقة يسمى بالتحول الإستراتيجي. أنتم تعرفون، وهذا قيل كثيراً في السابق، أنه عندما كانت تحدث حروب عربية – إسرائيلية كانوا (الإسرائيليون) يبعثون مثلاً جيشاً ليقاتل في الضفة أو جيشاً ليقاتل في القطاع أو جيشاً ليقاتل مع مصر أو ليقاتل مع الأردن أو ليقاتل مع سورية، لكن عندما كانوا يتكلمون عن لبنان، يقولون لا داعي لجيش، نبعث إليه فرقة موسيقية، لا يوجد داعي إلى أن يبعث جيش إلى لبنان، إلى هذا الحد كان الإستهانة بلبنان.

اليوم تحول الوضع، كلا، إن القلق الأول والخطر الأول والتهديد الأول، أول من تخشاه إسرائيل في حسابات المنطقة هو لبنان، بسبب وجود هذه المقاومة، وهذه نتيجة طبيعية،أي أن هذا لم يأتِ نتيجة إعلام أو حرب نفسية أو خطابات، هذه النتيجة الإسرائيلية أتت بطبيعة الحال بسبب الهزيمة النكراء التي لحقت بإسرائيل عام 2000 وهزيمة 2006، ومعرفة العدو الإسرائيلي أنه يوجد مقاومة في لبنان جدية وعاقلة ومخططة ومديرة ومدبرة ومسلحة ومقتدرة، وتعرف كيف تواجه وكيف تقاتل وكيف تستمر وكيف تنتصر، هذا ماذا فعل به؟ لقد خلق عنده خشية وخوفاً.

هذا اليوم أخواتي الكريمات أيضاً يُفسر لنا جميعاً كيف أن إسرائيل لم تستغل أحداث المنطقة الجارية منذ سنة أو سنتين إلى اليوم، لم تستغل هذه الأحداث وتهجم على لبنان، مع أن تاريخها يقول ذلك، يعني أنه مثلاً في السنة 1982 ماذا كان يوجد؟، كان يوجد حرب إيرانية – عراقية طاحنة، وصار هناك تطور كبير في الجبهة الإيرانية – العراقية، حيث إستطاع الإيرانيون أن يستعيدوا خرمشهر، ووصلوا إلى الحدود ، والمنطقة كلها إهتزت، والعالم كله ـ الأميركان والمجتمع الدولي ـ مشغول، أتت إسرائيل ودخلت إلى لبنان، في الوقت الذي لم يكن هناك شيء على الحدود، ولا طلقة، كانت الحدود هادئة جداً، إستغلت تحولات المنطقة وإنشغال العالم ودول المنطقة بالأحداث ودخلت إلى لبنان من أجل أن تحقق مشروعها لعام 82، لماذا الآن تنتظر إسرائيل؟، مع العلم أن ما يجري في المنطقة من أحداث، في سورية وفي مصر وفي العراق، وفي المنطقة ككل، يسمح لإسرائيل بأن تقوم بحرب ضد لبنان من دون أن يسأل أحد عن لبنان، لأن العرب كلهم مشغولون بأنفسهم، ومشغولون ببعضهم، لا يوجد أحد يسأل أو يدافع أو حتى يقوم بمظاهرة إلى جانب لبنان، أو يعقد إجتماعاً لوزراء الخارجية من أجل لبنان. السبب الحقيقي هو خشية إسرائيل من الفشل، مع العلم أن الداعي هو موجود، الداعي لإسرائيل لتعتدي على لبنان هو موجود، ويسمونه المقتضي أو الداعي أو الدوافع، كلها موجودة، لأن أطماع إسرائيل في لبنان، في أرض لبنان وفي مياه لبنان وفي قرار لبنان، هي قائمة، هذا لم يتغير. وثانياً لأن إسرائيل لها حساب مع لبنان تريد أن تصفّيه، مع لبنان ومع المقاومة في لبنان. إذن كل الدواعي والدوافع والمقتضيات هي موجودة لكي تقوم إسرائيل بالإعتداء، ما هو المانع؟ المانع الوحيد هو الخشية من الفشل، ولماذا يوجد خشية من الفشل؟ لأنه في لبنان توجد مقاومة حقيقية وقوية ومقتدرة ومحتضنة أيضاً من جزءٍ كبير من الشعب اللبناني، الآن يوجد أناس غير موافقين ويوجد أناس ضد، دائماً الأمور كانت هكذا. اليوم مثلاً نجد تأكيداً لهذا المعنى، نجد أنه توجد دول عربية تشتري بمليارات الدولارات طائرات وسلاح جو و دفاع جوي وبوارج حربية في البحر وأسلحة متطورة، إسرائيل لا تقلق ولا تخاف ولا تعترض ولا تعمل أي إشكال، وهذه الصفقات هي موجودة، خصوصاً لدى دول الخليج، كلها تشتري بستين مليار ومئة مليار ومئة وعشرين مليار دولار، والسلاح ماشي، وأحب أن أقول لكم ان هناك دول عربية تشتري سلاحاً لا يوجد هناك من يقوده أو يستخدمه، فقط لأنه مطلوب لمصانع الأسلحة وشركات بيع الأسلحة الأميركية أن تكون عاملة (شغالة)، نجد أن الإسرائيلي لا يعترض. لكن الإسرائيلي يقيم القيامة في الإعلام ولا يبقى مسؤول إسرائيلي إلا ويتكلم " إنتبهوا ، إذا يوجد شيء من سلاح سورية سيدخل إلى لبنان نتيجة الوضع في سورية، إذا يوجد شيء من دفاع جوي، وإذا يوجد شيء نوعي، وإذا يوجد شيء كاسر للتوازن، أبداً، إسرائيل جاهزة لتشنّ حرب"، هذا هو التهديد الإسرائيلي، لماذا؟، أن صاروخاً أو إثنين أو ثلاثة في يد المقاومة في لبنان تستحق أن تشنّ إسرائيل من أجلها حرباً، وأسلحة جوية ودفاع جوي ودبابات ومدافع بمليارات الدولارات لجيوش عربية لا تستحق من إسرائيل كلمة إعتراض. ما هو السبب؟، السبب واضح، إذا سألنا أولادنا الصغار في لبنان فإنهم يعرفون ما هو السبب، السبب هو أن إسرائيل من هذه "الجيوش العظيمة" هي مطمئنة البال تماماً، لأن القرار هناك هو عند الإدارة الأميركية، التي تُعلن في كل يوم إلتزامها المطلق بأمن إسرائيل وتفوق إسرائيل، وهناك إطمئنان كامل لجهة إلتزام الأنظمة العربية بأن لا تُمس إسرائيل حتى لو هجمت على لبنان في تموز، وحتى لو هجمت على قطاع غزة وحتى لو إرتكبت مذابح، ولكن يوجد إلتزام عربي: لا أحد يتقدم صوب إسرائيل، لذلك كل هذا السلاح عند الجيوش العربية ، أغلب الجيوش العربية لا يُقلق إسرائيل، لكن إذا دخل سلاح يُسمونه سلاحاً كاسراً للتوازن إلى لبنان، هذا يدعو إلى القلق الشديد وإلى التحذير وإلى التهديد وأن" إنتبهوا هه نعمل حرب"، هذا كله مؤشر على هذا المعنى، هذا ماذا يعني؟، الآن نريد أن ندخل قليلاً إلى النقاش، هذا ماذا يعني؟ هذا يعني أننا نعم،  في لبنان نحن نملك قوة ردع، لبنان يملك الآن قوة ردع حقيقية أُسمها المقاومة، بعض اللبنانيين يقبلون أو لا يقبلون ، عجبهم ذلك ام لم يعجبهم، هذه هي النتيجة، ليس لها علاقة إذا كنت تقبل بها أم لم تقبل بها، تعجبني أم لا تعجبني، هذه النتيجة، موجودة اليوم في الواقع، في واقع لبنان وفي الواقع الإقليمي، إذا كان لبنان يملك قوة ردع تجعل إسرائيل تفكر ألف مرة وتعمل ألف حساب قبل أن تعتدي عليه، معنى ذلك أن هذه هي نعمة، هذه نعمة إلهية ونعمة وطنية، كيف نتصرف مع هذه النعمة؟ وكيف نتعاطى مع هذه النعمة؟

هل فعلاً اليوم نحن في آب 2012 كلبنان وكشعب لبناني وكوطن وكبلد وكناس وكدولة في ظل كل ما يجري في المنطقة، هل حقيقةً وصلنا إلى الزمن أو إلى اليوم الذي نستطيع فيه أن نستغني عن وجود المقاومة وقوة المقاومة؟

هذا يحتاج إلى جواب هادىء، ضعوا العصبيات جانباً، الطائفية والمذهبية، نضع الإنقسام السياسي والخصومة السياسية (8 آذار و14 آذار وغيرها) نضعها جانباً، لنرجع ونفكر بعقل بارد، "مثل ما أنا أقول أحياناً لنطلع على الجبل إلى فوق، على رأس الجبل"، لنخرج من التفاصيل والمشاكل اليومية والحساسيات في الجامعة وفي الحكومة وفي مجلس النواب وفي الإعلام وفي الشارع، ونجلس على رأس الجبل من فوق، وتعرفون أن جبالنا في لبنان هي أعلى جبال في المنطقة، يعني عندما نجلس فوق نرى كل المنطقة، نجلس لنتفرج على المنطقة وما يحدث فيها ونُجيب على هذا السؤال، هل صحيح أننا وصلنا الآن إلى اللحظة المناسبة كي نستغني عن المقاومة؟، هذا السؤال حتى بالنسبة لنا كمقاومين، "شو بدي من الذي يريدون أن ينزعوا السلاح، كمان لإنا، إنو خلص نأتي إلى شغلنا ومدارسنا وجامعاتنا والسلاحات نجد لهم حل وإنتهينا"، ما هي قوة الردع البديلة التي يمكن أن تتوفر للبنان حتى نطمئن أن إسرائيل تخشى الإعتداء على لبنان؟، لأُصحح قوة الردع لا تمنع قطعاً أي يعني بالمطلق تمنع أي عدوان، كلا، ولكن تجعل الطرف الآخر يعمل الف حساب، لا يستهين ولا يستسهل العدوان، ما هي قوة الردع البديلة؟، هل يا ترى أطماع إسرائيل بأرضنا ومياهنا، والآن "من غير شر" يقولون إنه صار لدينا نفط، وصار عندنا غاز، بعده الآن تحت الماء وتحت الأرض، هل أطماع إسرائيل إنتهت، يعني خلص أصبحنا بأمان، حتى في مسألة النفط والغاز، اليوم يوجد إهتمام إسرائيلي بالغ، مثلما يوجد إهتمام بالماء.

أمس كتبوا بالصحف، أن قيمة الغاز والنفط المكتشف حتى الآن لدى العدو في مياه فلسطين، وقيمته السوقية الآن مئتين وخمسين مليار دولار، تصوروا أن إسرائيل التي تعيش على المساعدات الخارجية، والتي تعطيها كل سنة الولايات المتحدة الأميركية ثلاثة مليار او أربعة مليار دولار، سيدخل إلى جيبتها مئتين وخمسين مليار دولار، ماذا تفعل بالمنطقة وبشعوب المنطقة؟ هذا غير الذي لم يكتشفوه بعد، هل إسرائيل ستكتفي بما عندها؟

والنفط والغاز يمكن أن يكون أيضاً من نقاط التنازع بين لبنان والعدو، خصوصاً في المناطق حيث يوجد خلاف على ترسيمها، ما هي ضمانات لبنان أن يحصل على نفطه وغازه في المستقبل؟ وطبعاً موضوع النفط والغاز بالنسبة لنا كلبنانيين، أيضاً يوجد كلام بمليارات الدولارات، وهذا ينقل لبنان من حال إلى حال، إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً ومعيشياً وأمنياً، على كل صعيد، تصوروا أن لبنان، لبنان العاجز ولبنان الذي ليس لديه موارد، إلا من الجمارك والرسوم والضرائب، يبدأ يدخل إلى جيبته عشرات مليارات الدولارات، هذا البلد أين يُصبح؟، مع وجود أناس عندهم عقل وعندهم ذكاء وعندهم فهم ونوابغ وشاطرين، أين هذا البلد يصير؟، طيب ما هي الضمانة في المستقبل أن لبنان واللبنانيين سيستفيدون حقاً من الإمكانات والقدرات المتاحة على مستوى النفط والغاز؟، هذه اسئلة جدية، نحن لدينا رؤية "على طول" نتكلم فيها، رؤية منطقية ومستدلة ومبرهنة ومجربة، هناك منطق وهناك عقل وهناك دليل وهناك تجارب بشرية وهناك تجربتنا نحن كلبنانيين، هذه الرؤية نقدمها، لكن هناك أناس لا يوجد عندهم جواب أو دليل أو شيء مقنع، لا يوجد عندهم سوى "هاتو هالسلاحات وسكّرولنا هالمقاومة"، لكن جاوبوا عن أسئلة مَن هي قوة الردع البديلة، ما هي الضمانات لكي نستفيد من مياهنا في المستقبل، غداً عند القيام بمشروع الليطاني ما هي الضمانات للإستفادة من المياه ومن الغاز وما هي الضمانات أن لا تعتدي إسرائيل على لبنان وكيف نردعها كي لا تعتدي على لبنان؟ لا يوجد جواب، هناك جواب وحيد : سلحوا الجيش، موافقون تعالوا نسلّح الجيش، لكن هذا الجيش لكي يستطيع أن يشكل قوة ردع يجب أن تصبح قوته بالحد الأدنى موازية لقوة إسرائيل، يجب أن يصبح لدينا أقوى سلاح جو في المنطقة مثل سلاح الجو الإسرائيلي ويجب أن يصبح لدينا جيش مثل الجيش الإسرائيلي، حينئذٍ هذا الأمر يحقق نوعاً من التوازن وبذلك نحمي لبنان ونحقق هذا الموضوع عدّة وعدداً وإمكانات. فقط (ما لديهم) نظريات وكلام بالهواء، لكن على الأرض ماذا، لا شيء، ويبقى البلد كله في مهب الريح.

هنالك نقطة صحيحة وهي موضع نقاش ومطروحة على الساحة اللبنانية، البعض يقول هناك مخاوف من المقاومة وسلاحها، هذا السلاح يؤدي إلى مخاوف على المستوى الوطني وخصوصاً أنّ هذا السلاح موجود لدى جهة محددة ومن طائفة محددة، موجود عند جهة شيعية وهذا يعني قلق الطوائف الأخرى التي ستخاف وبالتالي هذا السلاح  يجب أن ينتهي. من جهة هناك مخاطر على لبنان كله وليس فقط على الشيعة أو السنة أو الدروز أو المسيحيين، هناك مخاطر على لبنان كبلد وكأرض وكمياه وكخيرات وكسيادة وككيان اسمه المشروع الإسرائيلي وأطماع إسرائيل يجب أن نواجهها، حاليا هذه المقاومة تشكل حالة ردع، ونتيجة وجود هذه المقاومة هناك مخاوف، الصحيح أن نعالج المخاوف وليس أن نلغي المقاومة ونعرض البلد كله للمخاطر التي يشكلها الإسرائيلي.

أحدهم قال إنه لا يريد شرب الدواء لأنّه يوجع له معدته ويزعج خاطره ولكنه يعرّض نفسه للسم القاتل، هذا يُسْمِيْه الناس أنه بلا عقل ومجنون ولا يفهم، الإنسان من أجل أن يواجه المرض أو السُّم يمكن أن يأخذ بعض الادوية التي لها بعض العوارض الجانبية. سوف أسلّم وسوف أفترض أنّ وجود المقاومة يعمل نوعاً من المخاوف، الحل لا يكون أنه لكي ننتهي من المخاوف نلغي المقاومة وبالتالي نعرّض لبنان لكل هذه الأخطار الإسرائيلية الوجودية، بينما الحل بالحفاظ على هذه المقاومة وتقويتها ودعمها وإسنادها لدفع المخاطر الإسرائيلية ونأتي للمخاوف ونجلس بشكل هادئ نحن اللبنانيون ونسأل ما هي المخاوف، واحد واثنين وثلاثة وأربعة ونعالجها ونجد لها حلولاً وضمانات. العقلاء والحريصون على وطنهم وعلى مستقبل أولادهم وأحفادهم وعلى بقاء وطنهم وعلى بقاء شعبهم من أن لا يهجّر كما تُهَجّر الآن شعوب بكاملها، الآن تهجّر شعوب وهناك تغييرات ديموغرافية تصير الآن، إذا أردنا هذا الـ "لبنان" أن نحافظ عليه ويبقى أهله فيه ويبقى موحداً ولا يهجّر علينا تحصينه في مقابل المخاطر وأن نعالج المخاوف.

هناك أمثلة من المخاطر يقدر أحدنا أنّ يناقش فيها وهناك أشياء غير صحيحة وهناك أشياء لها محل وبإمكاننا إيجاد الحلول والضمانات والمعالجات. نأخذ بعض الأمثلة:

مثلاً فريق 14 آذار بشكل أساسي يقول إنّ وجود السلاح عائق دون إجراء الإنتخابات في لبنان فلا انتخابات في ظل السلاح، شعار طويل عريض، لكن عام 2005 ألم تجرِ انتخابات في لبنان وأنتم فزتم بالأغلبية وللأسف نحن ساعدناكم أن تأخذوا الأغلبية، حسناً لقد أنجزت انتخابات في ظل السلاح ماذا كان تأثير السلاح عام 2005، لا شيء. عام 2009 أنجزت انتخابات وكنّا على خصومة وعام 2005 كنّا متفقين، وطلعت نتائج الإنتخابات، ماذا كان دور السلاح عام 2009، لا شيء. هم يقولون لا انتخابات في ظل السلاح ومنذ كم يوم أنجزت انتخابات الكورة وشهدوا بنزاهتها وعظمتها واعتبروا أنّ العالم كله سيتشكل على صورة انتخابات الكورة، صحيح أم لا، حسناً هذا جرى في "ظل السلاح"، هذا منطق، سلاح المقاومة والمقاومة لا تؤثر على الإنتخابات لا سلباً ولا إيجاباً، وبكل الإنتخابات التي جرت لم يسجل أحدٌ إشكالاً واحداً أنه استخدم سلاح المقاومة لفرض رأي أو لائحة أو اتجاه انتخابي معين بل قد يسجّل على أسلحة أحزاب وتيارات سياسية في بعض المناطق أنها أرعبت بعض الجهات وفرضت خياراً انتخابياً، أمّا المقاومة لم تفعل ذلك.

بعض المضحك أكثر! يطلع البعض ويقول : لا نسبية في ظل السلاح، حسناً هل بمقدورك أن تشرح لي ذلك فأنا لبناني والله يكون بعوني...!؟ الآن يُحكَى بالإنتخابات، هناك نظام أكثري وهناك نظام نسبي واللبنانيون أصبحوا يعرفون ما (هو النظام الإنتخابي) الأكثري وما (هو النظام الإنتخابي) النسبي، يعني لا بأس بانتخابات (على النظام) الأكثري في ظل السلاح، لكن كلا لانتخابات (على النظام) النسبي في ظل السلاح، حسناً اشرح لي ما الفرق بينهما، هل يعني أنّ السلاح إذا تدخل في الإنتخابات النسبية لن يتدخل في الإنتخابات الأكثرية! إذا لم يتدخل هنا لن يتدخل هنا وإذا تدخل هنا سوف يتدخل هنا...

هذا غير مقبول وهذا شيء غير صحيح، محاولة وضع المقاومة في مقابل الإنتخابات دائما افتراء وتزوير وتضليل للناس لا يستند إلى أي منطق. هذا مَثَل.

المَثَل الثاني، يخطبون أنّ المسؤول عن فوضى السلاح في لبنان هو وجود المقاومة وسلاح المقاومة، حسناً لكي نقدر على معالجة فوضى السلاح في لبنان يجب أن نحل المقاومة ونصادر سلاحها أو نسلمه للجيش أو نَكبَّه في البحر، هذا مطروح أيضاً. لنرَ هل هذا منطقي وهل هذا صحيح، لقد حسبت، الاحزاب والميليشيات والسلاح والمدافع والقتال والحروب الاهلية من قبل أن أخلق أنا وقبل أن يخلق كل حزب الله وكل الأشخاص في حزب الله، كان هناك في لبنان سلاح وفوضى سلاح وميليشيات وحروب أهلية، حسناً، نطلع نحن المسؤولين ووجود المقاومة هو المسؤول عن شيء حصل قبل أن نولد (...)، هذا غير صحيح، أولا السلاح موجود عند كل اللبنانيين وكل اللبنانيين عندهم سلاح، السلاح الذي يؤدي إلى مشكل والسلاح الذي يقتل والسلاح الذي يعمل فتنة موجود عند كل اللبنانيين، لكن السلاح الذي يعمل ردعاً ضدّ إسرائيل موجود عندنا نحن فقط لأنّه لا يوجد لدى أحد (صاروخ) زلزال إلا نحن، وهذه "ليست أكلة إنو عنّا صواريخ زلزال" فهذا من جهة ثانية عبء ومسؤولية ومخاطر علينا وعلى الشباب ولكن هذا لردع العدو.

لكن إذا وضعنا السلاح الذي يردع العدو جانباً فالباقي موجود لدى كل اللبنانيين، وبكل بساطة يمكن تنظيم فوضى السلاح في لبنان إذا توفرت الإرادة الجدية لدى القوى السياسية ولدى الدولة، ونحتفظ بالمقاومة مرتبة و "مظبّطة" وقوية وملتزمة، وهذه منطقة الجنوب منطقة الحدود ولـتجولوا في كل الجنوب هل ترون مسدساً أو بندقية أو مظهراً مسلحاً أو منصة أو مدفعاً، لا شيء، أين فوضى السلاح، إنها (في المناطق) حيث لا علاقة للمقاومة والمواجهة مع العدو. هذه الفوضى بحاجة إلى علاج وليس الحل أن نجمع سلاح المقاومة ونلغي المقاومة لكي نعالج فوضى السلاح الموجود في لبنان منذ عشرات السنين قبل أن يولد حزب الله.

 

إشكال ثالث يتحدثون عنه، هو أنّ السلاح مانع من قيام الدولة، جماعة 14 آذار واللبنانيون الكرام يريدون بناء الدولة ومن يمنعهم؟ سلاح المقاومة. كل يوم يتحدثون أنّ السلاح يعيق إقامة الدولة والسلاح مانع من إقامة الدولة ولا "يزهقون" من ذلك، مثل الصلاة اليومية لدينا، كل يوم يجب أن يطلع كل واحد منهم و"يتكّس" ويتحدث عن سلاح المقاومة الذي يعيق والذي هو فوضى ... حسناً قبل حزب الله هل كان هناك دولة؟ لم يكن هناك دولة.

بالحد الادنى من 74 ، 75 الى العام1990 "ما فيه دولة" ، نحن منعنا قيام الدولة ؟ من الذي منع قيام الدولة هذا اولاً.

ثانياً: لماذا لا نحكي الصراحة مع الشعب اللبناني ونقول له ما هي الأسباب الحقيقية التي تمنع قيام دولة حقيقية في لبنان ؟ ناتي ونخبىء الأسباب الحقيقية ونخترع أسباباً وهمية ، الأسباب الحقيقية لها علاقة بهم، وبغيرهم. طيب، أيضا هذا بحث يطول، ولكن اذكر فقط سببين :

السبب الأول: الطائفية في لبنان هل نختبئ وراء أصبعنا؟  الراحل كمال جنبلاط كان يتحدث عن الشعوب اللبنانية في كتبه، لم يكن يعترف بالشعب اللبناني، (كان يقول) انه نحن شعوب ، وهذا من زاوية معينة نعم قابل للتامل، انا لا انقل هذا الكلام لكي انتقده، بل هذا الشيء من التوصيف الموجود اليوم ، ولذلك نسمع من بعض الناس عندما يتشنجون يظهرون على التلفاز ويقولون نعم، لسنا شعباً واحداً، نحن الشعب الماروني والشعب الشيعي والشعب السني والشعب الدرزي والشعب الارثوذكسي ...الخ

طيب نحن في لبنان طوائف، عندما نأتي لكي نؤسس نظاماً على قاعدة المحاصصة الطائفية والتركيبة الطائفية والتجاذبات الطائفية والصراعات الطائفية والحساسيات الطائفية لا يركب معنا نظام ولا دولة. إن كان هناك حزب الله وإن لم يكن هناك حزب الله، فيه سلاح أو ما فيه سلاح، فيه مقاومة أو ما فيه مقاومة.

هناك مشكلة ذاتية هنا اسمها عندما تريد أن تؤسس دولة وطنية، دولة حديثة، دولة عصرية على قاعدة المحاصصة والنفوذ والتجاذب الطائفي، لا تركب الدولة الحقيقية، تكون الدولة مثل التي هي الآن، تتحسن قليلاً وتتصلح قليلاً وتتطور قليلاً ولكن دولة حقيقية لا تركب هنا لانه هناك مشكلة ذاتية بالموضوع، وهنا ما دخل سلاح المقاومة في الموضوع؟

ولذلك نحن منذ تشكيل لبنان الكبير نحن لدينا أزمة اسمها أزمة دولة، هذه الدولة كيف تتركب، والصلاحية أين تكون وكيف تدار، فيه طائفية سياسية، الغاء الطائفية السياسية، دائما هذا الموضوع نقاش وجدل في البلد، هذه واحدة من المشاكل التي تعيق إقامة دولة في لبنان.

والمشكلة الثانية مثلاً هي الفساد في لبنان، الفساد السياسي والفساد المالي والفساد الاداري، وفي ظل فساد مستشري كيف تدار الدولة، هناك ناس يغيرون خطوطهم السياسية وولاءاتهم السياسية وهؤلاء ينقلون البندقية من كتف الى كتف والعَلَم من يد ليد أخرى بـ "الفلوس". لنضع هذا جانباً، لنكون داخل الدولة، الفساد الاداري مستشرٍ في إدارات الدولة. ولما يحكى أن ادارات الدولة تتطلب اصلاح، فعلا هي بحاجة لإصلاح، وهذا لا أحد يتكلم عنه، ونتأخر بالاصلاح، ونعم هذا صحيح، نتأخر في الاصلاح ، لكن المشكلة اين؟ هذا الفساد كان محميا وما زال محميا.

أغلب القوى السياسية التي دائما تنجح في الانتخابات هي أيضا موجودة، وهي جزء من هذا الفساد، وهي تحمي هذا الفساد. وأحيانا إذا أردت ان تحارب هذا الفساد تتهدد بحرب أهلية وبحرب طائفية ، ودعوني أكون شفافاً الليلة، ممكن بعض حلفائنا قدرتهم أن يدخلوا في موضوع الاضلاح أحسن منا نحن، لأنهم ليس لديهم سلاحـ يأخذون راحتهم ويأخذون موقفاً ويرفعون السقف وينتقدون ويهاجمون بالسياسة ويضغطون.

انا مشكلتي بهذه النقطة ليست أن السلاح يحمي الفساد، أبداً، مشكلتي هي وجود المقاومة.  أنا عندما أقول إنني أواجه الفساد والمفسدين، فهذا سيضع أمامي معركة هنا وهنا وهنا، وهذه مشكلة كبيرة في البلد. حتى لا نطيل اكثر من هكذا، الفساد الذي أغلب السياسين شركاء فيه هو الذي يعوق إقامة الدولة وليس وجود المقاومة..

اليوم ما الذي يحصل؟ الفساد يزداد والطائفية تزداد ، قيل لنا في اتفاق الطائف انه تم إلغاء طائفية الوظيفة باستثناء الفئة الاولى على قاعدة المناصفة بين المسلمين والمسيحين، عظيم هذا تقدم بالبلد لكن واقع الحال ماذا؟

ليس الآن وليس في ظل حكومة الرئيس ميقاتي، لا ، الحال منذ سنوات طويلة انه ليس فقط الفئة الاولى طائفية والثانية طائفية والثالثة طائفية والرابعة طائفية، حتى الموظف العادي، الان دخلنا بالمحاصصة الطائفية، حتى الجندي وحتى الدركي حتى الموظف العادي(يتم اختياره على أسس طائفية). صحيح ام لا؟

إذاً، كلما تقدمنا كلما أوغلت الطائفية في النفوس فيصعب إزالتها من النصوص ، ويتحدثون عن إزالتها من النفوس قبل ازالتها من النصوص. آمنّا.. طيّب، اين هي من النفوس؟ هي تتعمق أكثر، بسبب ماذا ؟ بسبب أداء القوى السياسية، لأنه هناك قوى سياسية لا تقدر أن تكون حاضرة بالمشهد السياسي إلا على أساس العصبيات الطائفية والتحريض الطائفي والتحريض المذهبي، شاهدوا الخطابات تعرفون.

هناك زعامات لا تقدر أن تكون زعامات وطنية إلا أن تكون زعامات طائفية ومذهبية لتعزز روح الطائفية والمذهبية بالبلد. للأسف نحن وصلنا الى مرحلة ـ وصدقوني وعند عودتكم الى المنزل تراجعوا الموضوع ـ أن الأجيال الجديدة، أولادنا وأحفادنا صار من الضروري أن نشرح لهم ماذا يعني الشعور الوطني والانتماء الوطني، لا يعرفون، لان هذه البيئة التي عاشوا فيه سنوات وعشرات السنين نموا وكبروا فيها.

يعني آخذ مثلاً عن المقاومة: الشريط الحدودي الذي كان قبل العام 2000 والذي كان تحت الاحتلال، فيه لبنانيون من كل الطوائف، ومدن وبلدات من كل الطوائف، عندما تأتي قضية تحرير الشريط الحدودي تكون قضية تعني كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم، هنا يكون هناك انتماء وطني وشعور وطني.

أنا بالنسبة لي كمقاومة، إذا كان هدفي تحرير الشريط الحدودي كله لانه ارض لبنانية ولانه شعب لبناني تكون خلفيتي وطنية، أما إذا كنت اقاتل لأحرر بنت جبيل وتبقى جزين تحت الاحتلال أو لأحرر الخيام وتبقى مرجعيون وحاصبيا تحت الاحتلال أكون أنا طائفياً،  ولست وطنياً "، انا لما تعني لي كل حبة تراب ونقطة مياه ونقطة نفط بلبنان سواء أكانت مقابل سواحل الجنوب أو سواحل الشمال أكون وطنياً، ولكن عندما يعني لي الجنوب فقط والشيعة في الجنوب فقط أنا اكون طائفياً، انا لما أحمل هم الأسرى في سجون العدو وافكر فقط بالشباب الشيعة وفتيات الشيعة كيف أحررهم من الخيام ومن أنصار ومن عتليت ومن عند الاسرائيلي أنا اكون طائفياً ، وأنا عندما أفكر بكل شاب لبناني وبكل معتقل لبناني وبكل معتقلة لبنانية وأعتبرهم أهلي وأبي وأمي وأخي وإبني وابنتي، انا اكون إنساناً وطنياً.

الوطنية ليست بالادعاء ولا بالشعارات انما بالممارسة، انا لما أكون من البقاع وافكر بأمن الناس المتواجدين على الحدود في الجنوب انا اكون وطنياً، ولكن انا طالما القصف ليس عندي والرصاص ليس عندي والخوف ليس عندي "بطيخ يكسر بعضو" ـ على قول الأمثلة اللبنانية ـ انا انسان طائفي، وانا انسان مناطقي.

يا سيداتي واخواتي الجليلات الذي يريد أن يبني دولة أول شيء يقوم به هو الذهاب لتعزيز الإنتماء الوطني والشعور الوطني ليصبح عندنا دولة تخدم الجميع، الكهرباء للكل والمياه للكل والوظيفة للكل وفرصة العمل للكل ومواجهة الفقر عند الكل، هكذا نعمل دولة وطنية.

هنا، ما علاقة المقاومة بانها تمنع من إقامة دولة حقيقية؟ بالعكس أنا اقول لكم أكثر من هذا: نحن نريد أقامة دولة حقيقية، واقول اكثر من هذا: نحن أكبر المستفيدين في لبنان من قيام دولة حقيقية، اذا تكلمنا بالمصالح. "بدنا نحكي بالعقل والايمان والمبادئ والقيم" نحن نريد دولة حقيقية واقعية في لبنان ، اذا حكيت بالمصالح نحن أكثر أناس لنا مصلحة أن تقوم دولة حقيقية في لبنان ، دولة لا يكون فيها استئثار ولا إهمال ولا حرمان ولا تجويع ولا تهجير للبنانيين من بلدهم ومن أراضيهم ومن قراهم، دولة تجمع اللبنانيين، تمنع النزاع المذهبي والطائفي وتمنع التحريض الطائفي والمذهبي، وتمنعني أنا أن أقوم بالتحريض طائفياً ومذهبياً وتمنع أي أحد آخر أن يقوم بالتحريض طائفياً ومذهبياً. هذه الدولة من مصلحتنا مثل مصلحة كل لبناني.

بالعكس، وأريد أن أذهب أبعد من هذا، اذا كان هناك فرصة للبنانين أن يقيموا ـ بأمان وبسلام وبقرار ذاتي دون ضغط من الخارج أو من العدو ـ أن يقيموا دولتهم الوطنية فهي الفرصة التي يوفرها وجود المقاومة في لبنان، وليس العكس.

أيها اللبنانيون لديكم اليوم مقاومة تقول للإسرائيلي هذه حدودك، تقول للأميركي هذه حدودك،  تقول لأي أحد يريد الاعتداء على لبنان هذه حدودك. نحن اللبنانيون اليوم أصحاب قرار نستطيع أن نلتقي على طاولة الحوار أو غيرها. نجلس ونتناقش، ما نتفق عليه نسير به، نجد حلولاً، لا أحد يتجرأ أن يعتدي علينا، لا أحد يفكر أن يعتدي على بلدنا، لماذا؟ لأنه لدينا قوة ردع، ولدينا معادلة الجيش والشعب والمقاومة.

آخر شيء (يقولونه) آمنا أنكم تريدون الدولة، هذا السلاح وهذه المقاومة نحن نخاف منها أن تسيطر وتهيمن على الدولة. أيضاً نتحدث على الأرض وكلام قروي: يا جماعة نحن نمتلك السلاح منذ ثلاثين عاماً ولدينا تشكيلات عسكرية وأمنية ونقوم بقتال إسرائيل، فلماذا حتى الآن لم نهيمن على الدولة؟ 30 سنة، لو أردنا أن نهيمن متى نهيمن؟ عندما نشيخ؟ عندما نضعف نهيمن على الدولة؟

أفضل ظروف محلية وإقليمية ودولية توفرت لحزب يملك هذه القوة العسكرية أن يسيطر على بلد هي التي مرت خلال السنوات الماضية، فلماذا لم نفعل ذلك؟ لأننا لا نريد. دائماً هم يناقشون في النوايا، وأنا أقول لهم: يا أخي دع النوايا وتعال ناقشني بالأفعال. هذه هي طريقة تفكير جماعة 14 آذار.

لو أن أي حزب من أحزاب 14 آذار لديه القوة العسكرية التي لدينا لكان منذ زمن هيّمن على البلد وعلى الدولة. منذ زمن فرض إرادته بالسلاح على كل اللبنانيين. لكن نحن لم نفعل ذلك، وأقول لكم : لا نفعل ذلك، ولم نفعل ذلك، ولن نفعل ذلك. هذا ليس فكرنا ولا من معتقداتنا ومن إيماننا.

أولاً نحن لم نفعل ذلك، على العكس، جاءت فرصة في عام 2000، نحن هزمنا إسرائيل، نحن المقاومة، ونعترف بجهود كل الفصائل الأخرى، لكن الجميع يسلّم لنا بأنه في السنوات الأخيرة كنا نحن الفصيل  الأول، الفصيل الأساس. إسرائيل أصلاً لا ترى غيرنا، نحن ألحقنا بها الهزيمة. أنا وقفت في بنت جبيل مثل أي مقاومة منتصرة في العالم، كنت أستطيع أن أقول : نحن الذين هزمنا إسرائيل ولدينا سلاح ولدينا مقاتلون ولدينا ولدينا.. إذا لم تعطونا هذه الرئاسة وعدد معين من الوزراء وعدد آخر من الإدارات سوف نخرب البلد. وهذا حقنا الثوري، التاريخي كما يفعل كل الثوار في العالم. لم نفعل هذا ولم نقل هذا أبداً. أتينا وفعلنا كما يفعل كل "الأوادم" وقلنا هذا نصر للبنان، لكل لبنان، حتى للبنانيين الذين لا يريدون النصر قلنا لهم هذا نصركم، هذا نصر لبنان، هذا نصر كل اللبنانيين، نحن لا نريد شيئاً، لا نريد سلطة، هذا الشريط الحدودي، تفضلي يا دولة لبنانية تحملي مسؤوليتك. نحن لا نتدخل لا في الأمن ولا في الإدارة ولا في القضاء ولا في أي شيء آخر. ألم يكن هذا موقفنا عام 2000، هل نحن أناس نريد أن نهيمن على السلطة وعلى الدولة؟

في اليوم الذي حصلت فيه أحداث 7 أيار، التي دائماً يستدلون فيها، أنا أريد أن أستدل فيها لأقول هذه نيتنا الحقيقية: هناك حكومة بتراء اعتدت على المقاومة وحصل ما حصل في 7 أيّار ، وتعطّل البلد، واقفلت الطرقات. جاء وفد من الجامعة العربية ليقوم بوساطة، التقى معهم الأخ سماحة الشيخ نعيم قاسم، لكن رئيس الوفد أصر أن يتحدث معي على الخط الداخلي، الخط السلكي الخاص بنا، فأجبناه لذلك، فتح خط السلكي أحد الوزراء الخارجية العرب وتحدث معي وقال: السلام عليكم. فأجبناه وعليكم السلام، وقلت له أنت تعرف على ماذا تتحدث؟ فأجاب : على الداخلي، على السلكي. فقلت له : هذا يعني أنك تخالف القانون اللبناني، تخالف قرار الحكومة اللبنانية، أنت الآن مجرم ويجب أن يتم توقيفك! مازحته. فقال يا أخي ماذا تريدون حتى نحل المشكل؟ كان يتوقع أن أقول له: أولاً  نريد أن تستقيل الحكومة، نريد فلاناً رئيساً للحكومة، نريد حكومة يكون لنا فيها الثلثان، نريد أن يُنتخب فلان رئيساً للجمهورية، نريد كيت وكيت. هكذا كان يتوقع لأنه في كل العالم تحصل الأمور بهذه الطريقة، حتى هناك قوى سياسية في لبنان كانت تتوقع منا هذه الأمور. أنا ماذا قلت له؟ قلت له : لدينا مطلبان، المطلب الأول، أن تتراجع الحكومة عن القرارات التي أخذتها ضد السلكي، وثانياً العودة إلى طاولة الحوار حتى يجلس اللبنانيون ويتحاوروا وينظرون كيف يحلون مشاكلهم. فقال لي : ثالثاً. فأجبته لا يوجد ثالثاً، فقط هذان الأمران. فقال لي: أنت تمزح معي. فقلت له: أتكلم معك جدياً، وهل الوقت الآن وقت مزاح. فقال لي : لا، انت تمزح معي، أنت لا تريد أن تحل المشكلة. فقلت له : لا، أنا أريد الحل. نحن نريد فقط هاتين المسألتين. فحاول هو إقناعي بأن أضع شيئاً ثالثاً ورابعاً. فقلت له: لا والله، نحن هذه كل القصة عندنا، كل رد الفعل هذا لأن هناك حكومة أخذت قراراً بأن تلغي سلاح الإشارة الأهم والأخطر بالنسبة لإسرائيل، وتريد أن تصنع فتنةً بين الجيش وبين المقاومة والقوى الأمنية، فلتلغِ هذه القرارات، ونعود إلى طاولة الحوار وكان الله يحب المحسنين.

نحن ، يا قوى 14 آذار، نحن كان لدينا فرصة أن نحكم البلد ونهيمن على البلد ونسيطر على البلد في 7 أيّار ولم نفعل، لأننا لم نكن نريد ولا نريد ولن نريد. والسبب؟ نحن أيضاً واقعيون. ماذا تقول واقعيتنا؟ تقول واقعيتنا ويقول عقلنا: هذا البلد فيه طوائف، وحكاية الطائفة الحاكمة انتهت، لم يعد هناكً طائفة في لبنان تستطيع أن تحكم لبنان لوحدها وتعطي  لهذه الطائفة حصة ولتلك حصة، هذا انتهى.

ثانياً، زمن الطائفة القائدة في لبنان أيضاً انتهى. ماذا يعني الطائفة القائدة؟ هذا يعني أنها هي الطائفة الأولى التي تقود والباقون حلفاؤها. يعني أقل من طائفة حاكمة. الطائفة الحاكمة يعني هي كل شيء ، لا تعطي حصصاً. الطائفة القائدة تعترف بالآخرين وهم حلفاؤها لكن هي الطائفة القائدة. في لبنان، أي طائفة، ولنتحدث الليلة بشفافية، وهذا خطاب لكل الطوائف، لزعمائهم السياسيين والدينين ونخبهم واناسهم وشبابهم وشاباتهم وكبارهم وصغارهم في هذا البلد، من كان لا يزال يفكر بعقلية طائفة حاكمة أو طائفة قائدة فهذا يعني أنه يريد أن يأخذ البلد إلى المزيد من الأزمات. أنا بكل صراحة أعلن في هذه الليلة الرمضانية بالنيابة عن كل الطائفة الشيعية في لبنان: نحن لا نريد ولا نفكر ولا نحلم ولا نطمح ولا نريد أن نكون لا طائفة حاكمة ولا طائفة قائدة، وإنما نعتقد أن لبنان هذا يقوم بكل طوائفه، بتعاونهم، وتعاضدهم وتحاببهم وتكاملهم، وباحترام متبادل. لا أحد يعمل عند أحد. الناس لها شخصيتها وأصالتها وتراثها وتاريخها وحضارتها وثقافتها. في يوم من الأيام كانوا يقولون نتحدث عن تنوع ثقافي وليس عن تعدد ثقافي! ما هذا الكلام الفاضي؟ هناك تنوع ثقافي وتعدد ثقافي وتعدد حضاري وغير ذلك، وأناس أصولهم عرب، وأناس أصولهم فينيقيين، وأناس اصولهم بابليين.. مهما كانت أصولنا، هذا كله كلام نظري، أما على الأرض، نحن اليوم، اللبنانيون مجموعة طوائف لا تستطيع طائفة مهما بلغت من القوة الذاتية، ومهما استقوت بالدول الخارجية أن تحكم لبنان. هذا انتهى، وبالتالي من يفكر بالسلم الأهلي في لبنان، في قيام دولة في لبنان، في وحدة اللبنانيين، في عيش واحد أكثر من عيش مشترك، يجب أن ينزع من ذهنه حكاية أنه هو طائفة يستقوي على الآخرين، هو يريد أن يحكم الآخرين أو أن يقود الآخرين. لا، نحن اللبنانيون جميعاً سواسية، متساوون في الحقوق والواجبات كما هو مفترض دستورياً. نحن معنيون أن نعيش معاً وأن نكمل معاً وأن نبني بلدنا معاً ونحمي بلدنا معاً، وهذا أعود وأقول طريقه هو الحوار. المشكلة في بلدنا اليوم أن هناك فريقاً سياسياً لا يريد حتى حواراً جدياً. في موضوع المقاومة لا يريد استراتيجية دفاعية.  ألم ألقِ خطاباً قبل أيام ، مع ذلك خرجوا يقولون : هذا السيد يؤكد أنه لا يريد تسليم السلاح. هم لا يستحون من هذا الهدف! لا يوجد لديهم شيء اسمه كيف يمكننا أن نحمي البلد وأن ندافع عنه، وأن هؤلاء الناس القاطنين في الجنوب على الحدود، الذين يبنون بيوتاً على الشريط الشائك، هؤلاء الذين يتنزهون في الوزاني، هؤلاء الذين يفتتحون فنادق، هؤلاء الذين ينزلون ويحرثون أرضهم، هؤلاء كيف يبقون آمنين ولديهم ثقة، هذا ليس ببال أحد. في بالهم فقط كيف يأخذون السلاح من المقاومة، وفي كل يوم يتحدثون بهذا المنطق ويؤكدونه. لا يريد استراتيجية دفاعية ولا يريد بناء دولة. تأتي وتقول له : تعال نعقد مؤتمر حوار وطني لبناء دولة. فيقول لك أنت تريد أن تهيمن على الدولة. تقول تعالوا لنعقد مؤتمراً تأسيسياً؟ فيجيبون: هذا شيء خطر، يريد أن يعيد النظر في أسس البلد ويريد أن يأخذه عند إيران.

تعالوا لهذا النظام، لدينا الطائف، حسناً آمنّا بالطائف وأشهد بالطائف "ومدري شو بالطائف طيب خلصنا" ونحن بالطائف منذ التسعين واليوم نحن في العام 2012.

يا أخي يوجد أحد في لبنان، هناك أناس محترمين في لبنان يقولون تعالوا نطوّر، نحدّث. أي شخص يكون لديه سيارة يعمل لها تحديث، بيت يقوم بترميمه، نظام سياسي طويل عريض طيب تعالوا نطوّر، (يقولون لك) هذا كفر، ممنوع.

 عرضنا عليهم حكومة وحدة وطنية، لا يريدون. هل تعرفون بالضيعاوي ماذا يريدون؟ يريدون شيئين. قوى الرابع عشر من آذار ـ ولا تعذبوا انفكسم، نحن ذاهبون إلى طاولة الحوار لكي نعذب أنفسنا، ليس هناك أي مشكلة، ونحن من دعاة الحوار ـ لكن بالضيعاوي يريدون شيئين: هاتوا السلاح يا مقاومة. وأنتم يا حكومة الرئيس ميقاتي والقوى السياسية اذهبوا إلى البيت وسلمونا الحكومة.

حسنا إذا سلمناكم الحكومة هل تحمون البلد؟ وكيف تحمونه؟ لا يوجد جواب. هم لا يستطيعون أن يأتوا بصاروخ للجيش اللبناني، فكيف يحمون البلد؟

طيب إذا سلّمناكم الحكومة هل تقومون بالإصلاح؟ كيف سوف يقومون بالإصلاح وهم المسؤولون عن أغلب الفساد في الدولة وإدارات الدولة؟

هل تسدون الدين، الآن هناك من يتحدث عن إجازات الحكومة الحالية. بسيطة، قد لا يكون الموضوع موضوع إنجازات،  لكن هنا الموضوع من هو أصعب على اللبنانيين؟ اليوم أغلبية الحكومة حين تقول للرئيس ميقاتي يا أخي لا نريد أن نزيد الضرائب، لا نتحمل أن نزيد ضرائب على الناس، TVA  لا نريد أن نزيد، الرجل أيضاً منطقي ويتقبّل ويعرف أن الناس في لبنان وضعهم صعب. وحياة عيونكم، الآن إذا استقالت هذه الحكومة وشكّلت حكومة الرابع عشر من آذار، في اليوم الثاني ال TVA (تصبح) 15 بالمائة وكله يلحق كله.

هذه حكومة الضرائب، حكومتهم، الحكومة التي لا ترى الفقراء، حكومة بعض النخب التي يجب أن تعيش لكن أغلبية الشعب اللبناني يصبح تحت خط الفق،ر هذا لا يعنيهم كثيرا.

على الأقل هذه الحكومة جاءت في أخطر أحداث تحصل في المنطقة أي الأحداث السورية، أعلنت النأي بالنفس، بمعزل عن النقاش داخل الحكومة، لكن إذا ما استقالت هذه الحكومة تأتي حكومتهم، وحياة عيونكم الشمال (سيكون) جبهة مفتوحة مع سوريا، البقاع (سيكون) جبهة مفتوحة مع سوريا، وسوف يأتي الأميريكان والإنكليز والفرنسيين وباقي العرب "ولا نريد أن تقول أسمائهم"، وسوف تفتح معسكرات في البقاع أو في الشمال وتخرب الدنيا . أصلا إذا لم يأخذ اللبناني من هذه الحكومة الحالية إلا أنهه لا تعمل ضرائب مثل التي يقومون بها هم، ولا تورّط البلد في قتال على مستوى أحداث المنطقة، تحافظ في هذه المرحلة على نسبة من الاستقرار في الوضع الداخلي، هذا يكون ألف نعمة كريم، لأن البديل (هم) إلى أين يريدون أن يأخذوا البلد؟ على كلٍّ الجماعة هذا مناخهم، هذا جوهم، ولذلك أعود لأقول في ختام الكلمة: ليس هناك أي مجال إلا العودة للجلوس والكلام ولا أحد يريد أن يلغي أحداً ولا أحد يريد أن يشطب أحداً، ولا احد يجب أن يفكر بهذه الطريقة، ونأمل أن يسمح لهم أن يأتوا إلى طاولة الحوار وأنا دقيق فيما أقول: نحن نرجو أن لا يمنع الحوار في لبنان.

أخواتي: اليوم في سوريا ممنوع الحوار، ممنوع. نحن قمنا بجهود كبيرة مع أطراف في المعارضة: تفضلوا يا أخي، هذا النظام جاهز أن يقوم بحوار بلا شروط تفضلوا. لا يقبلون بحوار بلا شروط. إيران عرضت حواراً، فلم يوافقوا، روسيا عرضت حواراً فلم يوافقوا. هذا يعني أن هذه الأطراف تعرض، نحن ندعو إلى حوار بلا شروط، لم يوافقوا، لماذا ؟ لأن الأميركي والغرب ومن خلفهم إسرائيل وبعض الدول اللإقليمية تمنع حتى المعرضة السورية إذا أرادت حواراً بلا شروط لا تستطيع أن تأخذ هذا القرار، لان المرحلة التي وصلنا إليها في سوريا هي تحقيق لمشروع تدمير سوريا.

ما تريده أمريكا هو تدمير سوريا، ما يريده الغرب، ما تريده إسرائيل (هو تدمير سوريا) وقلبهم لا يحترق على الجيش ولا على الجماعات المسلحة، لا على النظام ولا على المعارضة، لا على هذه الطائفة ولا على تلك الطائفة، يحاولون أخذ الموضوع إلى أبعاد طائفية.

ممنوع الحوار في سوريا، مع العلم طبعا أن ما يجري اليوم ـ نحن الآن في ليالي شهر رمضان ـ واقعاً يدمي القلب: ضحايا، جرحى، بيوت، الأماكن المدمرة، النازحون، اللاجئون، على المستوى الإنساني، مهما كان الإنسان موقفه السياسي لا يستطيع إلا أن يبكي دماً لهذا المشهد، هذه سوريا القوية العزيزة الجميلة الهادئة المستقرة أين أصبحت؟ أذا أردتم أن تتركوا الأمور للحسم العسكري فهذا يعني أن الأمور ذاهبة إلى مزيد من القتل والدمار والنزف. الحل أن يتوقف القتال والناس تعود إلى طاولة الحوار بدون شروط مسبقة لأن الذي يضع شروطاً لا يريد أن يتحاور، ممنوع الحوار، أمريكا تمنع الحوار، العالم يمنع الحوار، ونأمل في سوريا أن يعود كل الناس ويهدأوا قليلاً ويفكروا قليلاً، وهذا هو الحل، وليس هناك حل آخر.

أختم في لبنان وأقول نأمل إن شاء الله أن لا يضع أحد شروطاً على الحوار، وأن تبقى الأبواب مفتوحة بين اللبنانيين، وأن يظل اللبنانيون قادرين على الكلام مع بعضهم البعض ولا يمنعهم لا الدولي ولا الإقليمي من أن يتكلموا مع بعضهم البعض، لان بديل الحوار هو الفوضى التي يراد تعميمها في المنطقة.

معكنّ إن شاء الله، مع حضوركنّ الدائم الثابت، مع دعمكنّ ومحبتكنّ وتأييدكنّ، هذه المقاومة ستواصل عملها في خدمة هذه الوطن، هذا الشعب الكريم العزيز، هذا البلد الغالي، تدافع عنه، تصونه، تحميه، تواجه كل المخاطر، وكما صنعت له الانتصارات ستصنع له الانتصارات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 

دغدغه‌های امت

دغدغه‌های امت

صدر عراق/ به مناسبت سالگرد شهادت آیت الله سید محمدباقر صدر
شماره ۲۶۲ هفته نامه پنجره به مناسبت سالگرد شهادت آیت الله سید محمدباقر صدر، در پرونده ویژه‌ای به بررسی شخصیت و آرا این اندیشمند مجاهد پرداخته است. در این پرونده می‌خوانید:

-...

رادیو اینترنتی

نمایه

صفحه ویژه جنگ ۳۳ روزه
بخش کوتاهی از مصاحبه سید حسن نصرالله با شبکه المیادین به روایت دوربین دوم

نماهنگ

کتاب


سید حسن نصرالله