بسم الله الرحمن الرحیم
و إن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين
جوامع

بیانات

27 بهمن 1388

سخنرانی سید حسن نصرالله، دبیر کل حزب الله لبنان، در مراسم سال‌گرد شهادت سران حزب الله

|عربی|فیلم|صوت|
در حال ترجمه
عربی:

إلى أرواح شهدائنا الأعزاء الكرام لاسيما الشهداء القادة الذين نحيي في هذا اليوم ذكراهم الغالية والعزيزة سماحة سيد شهداء المقاومة الإسلامية الأمين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي وزوجته الشهيدة الفاضلة السيدة ام ياسر الموسوي وطفلهما حسين، وذكرى سماحة شيخ شهداء المقاومة الإسلامية المجاهد الزاهد الشيخ راغب حرب، والأخ العزيز قائد الجهادي والمقاومة الحاج الشهيد عماد مغنية؛ إلى أرواحهم جميعا الطاهرة والزكية نهدي ثواب الفاتحة و الصلوة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى اله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السادة والسيدات، الإخوة والأخوات، أيها الحفل الكريم السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته:

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:«والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم».

في البداية، ولتصادف هذا الشهر مع شهر صَفَر والمناسبات الأليمة فيه، من واجبي التقدم بالعزاء للأمة الإسلامية بمناسبة ذكرى وفاة ورحيل رسول الله الأعظم محمد ابن عبدالله (ص)، هذا النبي العظيم خاتم الأنبياء وسيد الرسل والذي بعث رحمة للعالمين وخاتما للنبوات وهاديا للبشرية الى قيام الساعة،

كما أقدم العزاء بمناسبة استشهاد سبط رسول الله الإمام الحسن ابن علي (ع)، واستشهاد حفيد رسول الله الإمام علي ابن موسى الرضا (ع)، وأيضا وضمن أجواء الحزن اللبنانية والمصاب اللبناني أجدد المواساة والتعبير عن الأسى والحزن لعائلات ضحايا الطائرة المنكوبة الذين تحملوا على مدى أسابيع وما زالوا آلام تلك الفجيعة وينتظرون أجساد الأحبة التي تعود أحيانا منقوصة بفعل عوامل الطبيعة، كما أتقدم بالعزاء بمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري الى عائلته الكريمة وخصوصا إلى زوجته وبالأخص إلى دولة رئيس الحكومة سعد الحريري والى جميع الإخوة والأخوات في تيار المستقبل والمحبين لهذا الرئيس الشهيد.

أيها الإخوة والأخوات بعد هذا الواجب الذي لا بد منه ادخل إلى ساحة قادتنا الشهداء وأمام عائلاتهم الشريفة والمباركة، طبعا نجدد العزاء لفقد الأحبة، وأي أحبة فقدناهم على مضى المراحل الماضية، ولكنني في نفس الوقت أجدد التبريك لعوائل الشهداء لأن هؤلاء الأحبة فازوا الفوز العظيم ونالوا وسام الشهادة الرفيع الذي لا يناله ولا يطاله إلا ذو حظ عظيم، ولذلك شهداؤنا كل شهدائنا وبينهم القادة هم فخرنا وعزنا كما تعلمنا في مدرسة الجهاد والشهادة.

أيها الإخوة والأخوات أود أن أتحدث في البداية قليلا عن قادتنا الشهداء لأعبر منهم إلى القضية الأساسية والمسؤولية الكبرى  في المقاومة، إلى ما نواجهه في الحاضر من تحديات وتهديدات وكيف يجب أن نتصرف في لبنان من وجهة نظرنا بالحد الأدنى مع هذه التحديات وهذه التهديدات، هذا هو ما أود أن أركز عليه انطلاقا من طبيعة المناسبة، بالتأكيد هنالك استحقاقات مهمة داخلية جديرة أن يتوقف الإنسان عندها ولكن نظرا للوقت المتاح سيتركز حديثي على هذا الجانب وهذا البعد الذي هو أقوى صلة بمناسبة وذكرى القادة الشهداء.

عندما نعود إلى هؤلاء القادة إلى السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد ونبحث في شخصياتهم في سيرهم في سلوكهم ونبحث عن الصفات المشتركة وسوف نجد ان الصفات مشتركة الى حد التطابق فيما بينهم، الإيمان التقوى الورع التدين الإخلاص الصدق، محبة الناس التواضع للناس اللهفة على الناس، العاطفة الجياشة، عند هؤلاء نفهم كيف يمكن ان يكون الإنسان شديدا ورحيما، كيف يمكن أن يقف في وجه أعداء وطنه وشعبه ليبطش بهم وكيف يبكي كالطفل الصغير على أشلاء الشهداء في مجازر قانا وغير قانا، في المشتركات سوف نجد الكثير.

ولكنني أود أن أتوقف اليوم عند نقطة لأنني منها سأنطلق هو عام عنصر الشباب الجامع بين هؤلاء القادة الشهداء، هؤلاء الإخوة الشهداء منذ الصبا كان لديهم وعي مبكر بقضية الصراع مع العدو الإسرائيلي بمسالة القدس وفلسطين، ومنذ الصبا كبر هذا الوعي مع سماحة الإمام المغيب القائد السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقه بخير، ومنذ الصبا كان هناك الاندفاع ليكونوا جزءا من المسؤولية وجزء من العمل وجزء من العطاء وجزء من التضحية، ومنذ الصبا كان هؤلاء رجالا ولم يكونوا صبية لم يعرفوا حياة اللهو ولا حياة الترف ولا الحياة حتى المشروعة لمن هو في مثل سنهم، هم رجال منذ أن كانوا صغارا وبقوا رجالا وهم شباب ومضوا رجالا وهم شهداء، واختار الله سبحانه وتعالى لكل واحد منهم مساره وطريقه ليكون في موقعه وفي دوره المعدلة فكان الشيخ راغب عنوان الانتفاضة الشعبية ورمزها وعنوان التحدي والصمود المدني وعنوان انتفاضة النساء والأطفال وعنوان المقاومة السلبية الذي كان يرفض أن يصافح العدو أو أن يبتسم في وجه فضلا عن أن يقبل في وجوده، وكان دمه دما مؤسسا في انتصار المقاومة في ذلك الحين.

وكان للسيد عباس موقعه في تأسيس المقاومة والتنظيم والجهاد وموقعه القيادي في الأمانة العامة قائدا لحزب المقاومة وقائدا لعمليات المقاومة ومثبتا للنهج الذي أرسته دماء الشهداء الذين مضوا.

وكان الحاج عماد قائد الساحة وقائد الميدان، الأمين على كلمات الأمناء والوفي لدماء الشهداء والمترجم للطلقة والعبوة والتكتيك والصاروخ ووسائل القتال وخطط القتال، كل أماني وآمال وأحلام وآلام المعذبين والمظلومين بفعل الاحتلال والعدوان على هذا البلد، هؤلاء الإخوة كل منهم أمضى شبابه في المقاومة، في مختلف مواقعها، الفكرية أو التعبوية أو الشعبية أو الميدانية أو الجهادية بالمعنى الأعم وبالمعنى الأخص وكل منهم قضى شهيدا في ريعان الشباب، أحيانا أنا مثلكم عندما أرى الصور ممكن يذهب ذهني الى سنوات كبيرة ومتقدمة في العمر، الشيخ راغب حرب قضى شهيدا وله من العمر اثنان وثلاثون عاما فقط، شاب في ريحان الشباب، السيد عباس الأمين العام مضى شهيدا وله من العمر أربعون عاما فقط، والحاج عماد مضى شهيدا وله من العمر ست وأربعون عاما فقط.

وأنا قلت وقال كبير من كبار هذه الأمة كلاما في عمر الحاج عماد قال «حقيقة الواحد مثل الحاج عماد عاش كثير وحياة مليئة بالبركة»، أن يصمد عماد مغنية ويعيش ست وأربعين عاما هذا كان انجازا بحد ذاته، هؤلاء الإخوة إذن مضوا شهداء وهم في ريعان الشباب.

نحن هنا أمام نموذج من القادة الذين عاشوا كل حياتهم يملكون الوعي منذ الصغر ويحملون المسؤولية ويملئون أيام عمرهم بالعمل الجاد والدؤوب في سبيل الله وخدمة شعبهم وقضيتهم حملوا منذ الصبا ومنذ فتوة الشباب حملوا الدماء على الأكف وفي ريعان الشباب قدموا تلك الدماء الزكية قربانا لله وفداءا لامتهم وشعبهم لكي يحييا الناس بكرامة وحرية وعزة وأمان، واستطاعوا أيضا هؤلاء القادة الشباب ان يوجدوا أجيالا من الشباب الذين حملوا المقاومة وعبء المقاومة على أكتفاهم وقاتلوا واستشهدوا وصمدوا وصبروا وصنعوا الانجازات والانتصارات وقدموا لنا وما زالوا يقدمون بفكرهم بثقافتهم بدمائهم بذكراهم أجيالا ممن الشباب الذين يمثلون من أهم عناصر القوة في لبنان، هذا الشباب الواعي الشباب المسؤول الشباب الجاد الشباب الفاعل الشباب المستعد للتضحية الشباب الذي يحمل هم وطنه وشعبه وأمته ومقدساته وكرامته هو عنصر القوة الأساسي الذي نمتلكه والذي تركه لنا هؤلاء الشهداء القادة لنواجه به حاضرنا ولنواجه به المستقبل.

نحن في كل مناسبة وأمام ذكرى القادة الشهداء نتحمل المسؤولية عن انجازهم لقد أنجز هؤلاء ومعهم كل الشهداء من كل القوى والفصائل الى الجيش الى الشعب وخلال سنوات طويلة من التضحية والجهاد أنجزوا تحرير الأرض والأسرى وفرضوا احترام لبنان وموقعه على العالم وأسسوا للمدرسة والخيار الذي يحمي لبنان بحق وصدق.إن وصية هؤلاء القادة الشهداء هي أن نحفظ انجازهم الذي هو ثمرة حياتهم وآلامهم وسهرهم وتعبهم وفي نهاية المطاف ثمرة دمائهم الزكية والانجاز الذي تركوه لنا هو المقاومة روحها ثقافتها فكرها طريقها خيارها وجودها وقوتها وقدرتها على تحمل المسؤوليات وهذا يفتحنا على الحاضر ومجددا في مواجهة الأسئلة والخيارات.انتقل الى الواقع القائم أمام سيل التهديدات في الأشهر الأخيرة تطرح مجددا الأسئلة، للأسف في لبنان نحن نعود سريعا الى المربع الأول، لا نستفيد من تجاربنا في لبنان كلبنانيين ولا من تجارب شعوب العالم ولا من تجارب التاريخ، دائما نعود الى المربع الأول الى نفس الأسئلة. اليوم الى نفس الأسئلة مثل العام 82 وقبلها وبعد 82 وتطرح الخيارات والسبل أنا لا أريد ان أعود الى هذا النقاش ولكن لأذكر بالأسئلة واطرح أسئلة استنكارية وليس أسئلة استفهامية أو استعلامية، هل يمكن للوعود الأميركية ان تحمي لبنان؟

يعني إذا باراك أو بايدن (وهلق خلصنا من بوش وتشيني) إذا هؤلاء دقوا على صدرهم وأعطوا وعود للبنان بان لا تخافوا ولا تقلقوا نحن نحمي لبنان، هل حقيقة هم يفعلون ذلك أو يمكن أن يفعلوا ذلك؟ في شي مرتبط بمصداقية إدارة أوباما له علاقة بعملية التسوية وهو ما قدر ان يوقف الاستيطان! وهل واقعا ان القرارات الدولية تحمي لبنان وهل حمته طوال 60 عاما ؟ هل واقعا المجتمع الدولي يحمي لبنان وهل حماه خلال 60 عاما؟                                 

هذا المجتمع الدولي الذي لا يهتم الا بمصالحه ولا يحترم الا الأقوياء، هل يُحمى لبنان بالحياد؟ يعني اذا أخذنا لبنان إلى الحياد فهل سنقدر أن نقنع إسرائيل بان لا يكون لها أطماع وطموحات في أرضنا ومياهنا، هل سنقدر أن نقنعها مثلا بان تعيد إلينا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وان تعيد اللاجئين الفلسطينيين؟ هل الحياد يمكن أن يقنع إسرائيل بذلك؟ اليوم قرأنا في الصحف أن ليبرمان يقول انه إذا كان احد ما يحلم بالتسوية على قاعدة استعادة شبر من الأرض فهو واهم، هذا الكلام ليس فقط للفلسطينيين والسوريين، بل أيضا للبنانيين، ويخرج علينا نائبه ليقول إن هناك خط احمر اسمه عودة أي لاجئ فلسطيني إلى فلسطين المحتلة، هو طبعا يقول دولة إسرائيل، ويتكلم عن منطق قانوني ومنطق أخلاقي لمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين، هل إذا اخذ لبنان خيار الحياد يمكنه أن يستعيد أرضه وان يحفظ أرضه ومياهه في المستقبل وان يساعد في عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأرضهم، طبعا التجربة تقول لا، الغريب أننا في لبنان نناقش حتى في البديهيات، في هذا الكون يوجد سنن وقوانين طبيعية، في التاريخ والمجتمعات يوجد قوانين وسنن تاريخية واجتماعية، تجارب البشر كلها تقول إن البقاء للأقوى، في مواجهة الطغاة والمستبدين والمحتلين والغزاة كل التاريخ يقول لا يحمي أرضك وشعبك وكرامتك إلا قوتك، الضعاف ليس لهم مكان في هذه الحسابات والمعادلات، الذين يتوسلون الحماية ليس لهم مكان، الأقوياء فقط هم الذين يستطيعون أن يفرضوا احترامهم على العالم وان يحققوا أهدافهم، وإذا سقطوا فإنما يقضون شهداء بكرامتهم، هل يستطيع أن يكون لبنان قويا؟ نعم وقد أثبتنا بالفعل خلال عقود من الزمن أن لبنان استطاع أن يكون قويا وكان قويا واليوم هو قوي أكثر من أي وقت مضى، لبنان قوي ولدينا صيغة إبداعية، الآن الكثيرون يقولون لنا انه في العالم لا يوجد هكذا أمر رغم انه كان يوجد في العالم هكذا أمر، لكن نترك هذا الأمر إلى طاولة الحوار، لكن نتكلم عن صيغة إبداعية، ألا تقولون إن لبنان قصة متميزة ولديه إبداعات، حسنا هذا الأمر من إبداعات لبنان، ألا تقولون إن لبنان يدهش العالم، حسنا هذه من إبداعات لبنان التي تدهش العالم، صيغة القوة التي نواجه بها كل التحديدات هي بجيشه وشعبه ومقاومته والتي اقرها البيان الوزاري، اليوم هذه الصيغة أثبتت التجربة نجاعتها وصحتها وهي خيارنا في المواجهة، نحن نسمع صيغ أخرى، إن شاء الله على طاولة الحوار عندما يقدم احدهم صيغة علمية ومقنعة ومنطقية ويؤيدها الخبراء العسكريون، لان هذا الموضوع ذو اختصاص، عندها نرى إذا أمكنهم أن يدلّونا على أي صيغة يمكن أن نواجه فيها كل التحديات وكل التهديدات.

اليوم نحن أمام هذا السيل من التهديدات الإسرائيلية كيف نتصرف معه، لدي كلامين، كلام لع علاقة بالداخل اللبناني وكلام له علاقة بالإسرائيلي، أما فيما يتعلق بالداخل اللبناني، ففي البداية لا بد من أن انوّه بالوقف الرسمي لفخامة رئيس الجمهورية، دولة رئيس مجلس النواب، دولة رئيس مجلس الوزراء وقيادة الجيش وكذلك موقف الغالبية العظمى من القوى السياسية والتيارات السياسية في لبنان لان هذه المواقف كلها تعبّر عن رفض للتهديدات وعدم خضوع لها وعن تضامن وطني في مواجهة أي ارتكاب إسرائيلي معين، هذا بالتأكيد يجب التنويه به وأيضا الجهود التي يبذلها خصوصا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في أسفارهم الخارجية والتي يسلّطون فيها الضوء على التهديدات الإسرائيلية ومخاطر هذه التهديدات على لبنان وعلى المنطقة، هذا أولا في الموضوع الداخلي لان أي كلام مسؤول وجاد الشعب اللبناني كله معني بان يقدم له الاحترام والتنويه، ثانيا وفيما خصّ أيضا الموضوع الداخلي فهناك حديث عن قصة الذرائع، أي أننا نقول إننا نرفض التهديدات الإسرائيلية ولكن نطالب بعدم إعطاء ذرائع لإسرائيل، هذا الموضوع نريد أن نحاول أن نعالجه لأنه غير صحيح، فهذا الطرح يحتوي على سلبيات وليس هكذا نواجه التهديدات الإسرائيلية لأسباب عدة، أولا إسرائيل عندما تريد أن تعتدي على بلد ما فهي لا تحتاج إلى ذرائع.

منذ العام 1948 إلى العام 1967، وفي كل حروبها على لبنان وحتى حرب تموز لم يكن الأسيران لا حجة ولا ذريعة بل هذه الحرب كانت معدة مسبقا وقد اعترف الإسرائيليون بذلك فيما بعد، إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع يقدمها لها احد ما، وإذا كانت بحاجة إلى ذريعة فهي قادرة أن تصنعها، وهي تنظم عملية اغتيال فاشلة في أي مكان في العالم وتحمّل حزب الله المسؤولية وتهجم على لبنان، أو تحمّل الإخوة الفلسطينيين المسؤولية وتهجم على غزة، ويمكن أن تحمل سوريا المسؤولية وتهجم على سوريا، الله اعلم، لذلك في هذا الموضوع فلنكن صادقين مع الناس وأنا هنا انوّه ببعض المسؤولين الذين ذكروا تاريخ الحروب الإسرائيلية في لقاءاتهم التلفزيونية الأخيرة وقالوا انه متى كانت إسرائيل تحتاج إلى ذرائع، الأخطر أو السيئ في هذا الكلام انه يحمّل المقاومة المسؤولية ضمنا، أي انه يحمّل المقاومة مسؤولية مسبقة عن أي عدوان إسرائيلي، وهناك محاولة تبرير لإسرائيل لشن عدوان، لذلك نحن حاضرون أن نناقش هذه الفكرة ثنائيا مع أيّ كان لنقنعه بان هذا منطق خاطئ ومنهج خاطئ وهو لا يخدم المواجهة مع العدو.

لكن اسمحوا لي أن أقول إن الأخطر في هذا السياق هو ما بدأنا نسمعه منذ شهر، فهناك لغة جديدة بدأت تخرج في لبنان في مكان ضيق ومحدد، وهذه اللغة تقول ما يلي خلاصته، وقد كتب عن هذا المعنى بكلمات مختلفة وتعابير مختلفة، وكتب فيه مقالات وقيل فيه مجموعة من الخطب والندوات والمحاضرات، والفكرة التي يقولونها إن نفس وجود المقاومة في لبنان وحتى لو لم تفعل شيئا لا على الحدود ولا خارج الحدود فنفس هذا الوجود هو حجة كافية ليشنّ العدو الإسرائيلي حربا على لبنان، ولذلك من اجل أن لا يكون لدى لعدو حجة لشن حرب على لبنان يجب أن نلغي هذه المقاومة وان نلغي هذا السلاح، هذا كلام خطير جدا جدا وطنيا، لأنه يعني أولا بالحد الأدنى تبريرا كاملا لأي عدوان إسرائيلي وحتى لو لم تقدم المقاومة ذرائع كما يقولون، فنفس وجود المقاومة في رأي هؤلاء هو حجة كاملة وكافية، للأسف الإسرائيليون أنفسهم لا يقولون هذا، أي ما يقوله بعض اللبنانيين لا يقوله بعض الإسرائيليين، هناك البعض من المتشددين جدا في إسرائيل قالوا هذا الكلام، لكن هناك أوساط كبيرة في إسرائيل قالت لا فهذا الكلام ليس كافيا لشن حرب على لبنان، ولكن نرى هؤلاء في لبنان يقولون إن هذه حجة كافية، إلى هنا أنا أقول إن هذا كلام خطير جدا لأنه يبرر العدوان الإسرائيلي بالكامل ويحمّل مسبقا المسؤولية بالكامل للمقاومة عن أي عدوان إسرائيلي قد يحصل، ويبدو أن هؤلاء منزعجون لأنه مثلا منذ حرب تموز إلى اليوم لم يحصل أي شيء على الحدود، طبعا ضمن رؤيا لنا سأتكلم عنها في مناسبة أخرى، فإذن لا يظهر بحسب فهمهم لسياسة الذرائع أن حزب الله سيقدم ذريعة في الجنوب، إذن اعتبروا أن أصل وجود حزب الله هو ذريعة كافية لتقوم إسرائيل بالحرب، لكن إذا ترقّينا قليلا في السؤال وهو الأهم والأخطر، وأنا لا أريد أن اتّهم بل أريد فقط أن اسأل سؤالا، هل هذا استدعاء للحرب؟ أحيانا نقول إن هذا تبرير للحرب والى هنا نستطيع أن نقول إنهم مشتبهون أو مخطئين، لكن قد يرقى الموضوع إلى مستوى السؤال التالي: هل هذا استدعاء للحرب الإسرائيلية على لبنان؟ هل نحن أمام ظروف 1982 جديدة؟ هل يجد البعض أن أحلامه وطموحاته ومشاريعه التي تبخرت في الآونة الأخيرة لا طريق لها إلا من خلال حرب إسرائيلية على لبنان من جديد؟ هذا هو السؤال.

وأمام هذه اللغة وهذا المنطق ما هي مسؤولية الحكومة اللبنانية والسلطة اللبنانية، هذا هو العبور إلى الدولة، فهل تسكت الدولة عمّن يقدم  تبريرا كاملا للعدوان على لبنان وعلى شعبه وأرضه وعلى بناه التحتية كما يهدد الإسرائيليون، بل هل تسكت عمن في حدّه الأدنى هناك شبهة في خطابه السياسي، وهي شبهة استدعاء حرب؟ أنا أدعو إلى الإقلاع عن هذه اللغة وعن هذا المنطق لان الاستمرار بهذه اللغة يعني أن هناك في الساحة اللبنانية من ينتظر ومن يراهن ومن يبرر ومن يستدعي عدوانا، واعتقد أن هذا الواقع يحتاج إلى جواب على المستوى الوطني الكبير، سواء على المستوى الحكومي أم على المستوى الشعبي. اختم توصيف الموضوع الداخلي وأقول إننا أمام موقف رسمي ممتاز وأمام موقف شعبي ممتاز، وهناك حالة خاصة وضيقة تعبّر عن موقفها وخلفيتها بطريقة تعنيها ولكن هناك مشهد مستوى عال ومتقدم من التضامن الوطني وهذه نقطة قوة.

في الموضوع الإسرائيلي، والذي هو الجانب الأهم في حديثي اليوم لأنه مطروح في البلد نتيجة التهديدات، وهناك قراءات واحتمالات كثيرة، وهو قد شغل البلد بدرجة كبيرة جدا. بعبارة موجزة نحن نقول يمكن اختصار توصيف الوضع الاستراتيجي الذي تعيشه إسرائيل منذ فشل عدوان تموز على لبنان وفشل الحرب على غزة، بان إسرائيل تعيش مأزق عدم القدرة على فرض السلام وعدم القدرة على شن الحرب، فهي ليست قادرة على أن تفرض سلاما بشروطها، وشروطها مثلا لا يريدون أن يرجعوا الجولان إلى سوريا فذهبوا واجروا تعقيدا كبيرا في الآونة الأخيرة، فأصبح الأمر يحتاج إلى تصويت في الكنيست ويحتاج إلى استفتاء شعبي عام وغيره، وهذا أيضا ينطبق على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا فضلا عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، حسنا، بعد كل التطورات التي حصلت في العقدين الماضيين هل يقدر الإسرائيليون أن يفرضوا اليوم على الحكومات العربية وعلى الشعوب العربية سلاما لا يعيدون فيه الأرض؟ هل يستطيعون أن يفرضوا  سلاما لا يعيدون فيه القدس، واللاجئين ؟ هذا انتهى، مع احترامنا للمبادرة العربية للسلام. الإسرائيلي لم يعد قادرا أن يفرض شروط سلام بمفهومه هو، واليوم على كل حال هناك مأزق وجود شريك للسلام على طرفي الصراع،هنا يقولون لا يوجد شريك وهناك يقولون لا يوجد شريك، وأيضا عدم القدرة على شن الحرب. كل ما نشهده بعد حرب تموز وبعد حرب غزة من مناورات وتدريبات أمر طبيعي نتيجة الفشل الذريع الذي لحق بالجيش الإسرائيلي. الإسرائيليون اعترفوا بوضوح أنهم فشلوا بالحرب على لبنان، حددوا هدف القضاء على المقاومة وفشلوا وأصبحت المقاومة أقوى بحسب اعترافهم، لكن فيما كتبه ايهود أولمرت وسينشر (ذلك) في مذكراته أو نشر خلاصة عنها، هو يعترف أيضا أنّه فشل حتى في حرب غزة لأنّ هدف الحرب على غزة كما قال أولمرت هو القضاء على حكم حماس وفشلت الحرب على غزة في القضاء على حكم حماس. اليوم عندما يريد الإسرائيلي الذهاب إلى حرب ـ وهذا التقدير مهم لتأثيره على الجواب ـ   هناك شرط أساسي منذ اليوم وصاعدا اسمه النصر الأكيد والمضمون والقطعي وليس النصر المحتمل، يعني لا يعمل حربا مع غزة إذا ليس لديه انتصارا أكيدا ولا يعمل حربا مع لبنان إذا ليس لديه تأكّدا وقطعا أنّه سوف ينتصر، وكذلك مع سوريا وكذلك مع إيران.

إسرائيل بعد حرب تموز وعدوان غزة والفشل والهزيمة والترهل موضوع آخر وأنا هنا لا أخفف من قوة وقدرة إسرائيل ولكن أقول أننا أيضا في لبنان وفلسطين وسوريا وإيران وفي المنطقة نحن أقوياء إلى حد أنّ إسرائيل لا تستطيع أن تشن حربا ساعة تشاء. لا يكفي أن يكون لديها احتمال قوي بالإنتصار فهذا ليس كافيا وهذه مغامرة. الجيش الإسرائيلي وكل إسرائيل باتت لا تتحمل أي انتكاسة جديدة لأنّ هذا يعني بداية النهاية، وأنا رأيي أنّ بداية النهاية بدأت في تموز وبدأت في الحرب على غزة، لكن أي انتكاسة جديدة يعني أنّ إسرائيل أصبحت "نزولا" بقوة، وهذا يفهمه الإسرائيليون جيدا. أنا أدّعي ـ والإسرائيليون يعترفون لي ـ أنّي من أوائل الذين يتابعون الإعلام الإسرائيلي والتصريحات الإسرائيلية والتحليلات الإسرائيلية والمؤتمرات التي تعقدها جامعات وجهات أكاديمية في إسرائيل ويتحدث فيها رؤساء ووزراء وقادة عسكريون وأمنيون كبار، وفي كلام كل هؤلاء هناك إجماع على هذه النقطة، لا يمكن بعد الآن أن تذهب إسرائيل إلى حرب لا تضمن نتيجتها.

بناء على هذا التوصيف للوضع الإستراتيجي لإسرائيل يطلع معنا في فهمنا وميلنا أنّ الإسرائيلي اليوم حاليا عنده مشكلة بشن حرب، ولذلك هو يذهب لرفع قدراته فيأتي بسلاح جديد وتجهيزات جديدة ويجري تدريبات ومناورات، عنده مشاكل بالتطوع وآخرها كان لديه مشكلة تطوع في القوة البحرية وقد بدؤوا بمعالجتها ببطء، عندها مشاكل بالتطوع وبالثقة وإلى آخره، أي بحاجة إلى وقت وهو ليس جاهزا. وأقول لكم أمر وأقول للناس في إسرائيل الذين يُسْتَغَلون من حكامهم وقادتهم، أنّ قصة القبة الحديدة التي ترونها على التلفزيون هي حتى الآن أقرب إلى الفيلم السينمائي منه إلى الحقيقة الميدانية، وهناك قادة عسكريين كبار في إسرائيل يقولون ويناقشون هل هي أصلا مجدية وهل تنفع أم لا وهي مكلفة جدا من جهة ولكن حتى لو سُلِّمَ بجدواها فجدواها محدود جدا. الإسرائيلي ما زال بحاجة إلى وقت لمعالجة مشاكله التي لها علاقة بسلاحه وبتجهيزاته وبتكتيكاته وبجيشه وبإمكاناته.

بالمقابل فإنّ سياسته هي العمل على منع ارتقاء القدرة والجهوزية عند الأطراف الأخرى، هذا كيف يحققه، مثلا سوريا تزداد مع الوقت قوة،  وإيران تزداد مع الوقت قوة، وحزب الله يزداد مع الوقت قوة، فصائل المقاومة الفلسطينية يزدادون مع الوقت قوة، وكلما  ازدادت قوة فهي النقيض للمشروع الصهيوني في المنطقة. كيف سيمنع (الإسرائيلي) ازدياد هذه القوة؟ عنده ثلاث وسائل أساسية: الوسيلة الاولى التهويل بالحرب والتخويف، إذا أتيتم بهذا النوع من السلاح سنعمل ونساوي، "طيّب حنجيبه وروح بلّط البحر، إذا بعدنا ما جبنهش". يهدد سوريا لأنه يتهمها بأنها تعطي سلاح وصواريخ لحزب الله، يهدد إيران بالحرب، يهدد الحكومة اللبنانية بالحرب. التهديد بالحرب لمنع اكتمال الجهوزية واكتمال القدرة. ثانيا العمل على الموضوع الأمني، قتل القيادات المفصلية في موضوع جهوزية الحرب، الحاج عماد مغنية، الشهيد المبحوح، لماذا هذا الشهيد بالتحديد لأنّ لديه دورا لوجستيا كما يقال في موضوع الجهوزية في غزة وآخرين ولا نريد الدخول هنا إلى بعض الخصوصيات، هو يأخذ هذا المنحى أي ضرب القدرة على استكمال الجهوزية أو ارتفاعها. ثالثا خيار الفتنة، العائق الأساسي أمام أي مصالحة فلسطينية هو إسرائيل وكل عربي يعطل المصالحة بين الفلسطينيين هو يقدم خدمة عن وعي لاسرائيل وبتواطؤ مع إسرائيل، وخيار الفتنة في لبنان، وإلاّ لماذا يطلع ليبرمان ليؤكد المنحى الإسرائيلي الذي بدأ منذ زمان ليتهم حزب الله باغتياله الحريري، هذا مسار إسرائيلي واضح بدأ مع الديرشبيغل والآن يكمل مع اللوموند، وليبرمان عبّر عنه بصراحة، وميزة ليبرمان "الجيدة" أنّ الذي في "بطنه" يتحدث به وهذه نقطة مهمة ، فلنفهم ماذا يقول الإسرائيليون وماذا يريدون وبماذا يفكرون.

 لذلك نحن نميل حيث التقدير بالموقف إلى أنّ هذه التهديدات وسيل التهديدات هي بالأعم الأغلب أقرب إلى كونها حربا نفسية وتهويلا لإخافة الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية وإخافة المقاومة لمنعها من أن تزداد قوة، وهي من جهة أخرى استنهاض للوضع المعنوي في داخل الكيان الصهيوني واستنهاض للجيش والشعب ومحاولة إقناع الناس من خلال المنبر أنّ إسرائيل قوية ومقتدرة وهي تهدد وترعد وتزبد، وهم محتاجون إلى هذا الإستنهاض المعنوي، وقد نقرأ فيها أيضا جانب ردعي لأنّه لو دققنا بالتصريحات الإسرائيلية كلها إذا لم يكن مئة بالمئة خمسة وتسعين بالمئة تقول إنها لغة مشروطة : إذا المقاومة فعلت هكذا سنعمل ونسوّي، إذا المقاومة فعلت الشيء الفولاني نحن سندمر ونقصف وندمر، طبعا هم ليسوا بحاجة إلى ذرائع ولكن هذا يعطي انطباع إذا كانوا جادين فيما يقولون أنهم خائفون، بالحد الأدنى هنا مكسب سياسي ومعنوي ونفسي مهم، طوال عمرنا نحن الذين تهددنا إسرائيل ونحن الذين نقول لإسرائيل إذا فعلتم سنفعل، ولكن ولا يوم إسرائيل كانت تخاف العرب وتقول لهم : إذا عملتم نعمل. اليوم إسرائيل الخائفة تقول : إذا فعلتم نفعل.

هذا أولا، وثانيا في هذا السياق، هذه التهديدات سواء حملناه على أنها حرب نفسية أو الهدف منها ردعي أو التحضير لحرب جدية وإن كان هذا الإحتمال لا نراه قريبا بالحد الأدنى، أيّا تكن هذه التهديدات كيف نواجهها ونقابلها، لدينا نموذج بالمقاومة وخط عريض اسمه يجب أنّ تقابل بالثبات والقوة والشجاعة وبالتهديد المقابل وهذا الذي ينفع مع إسرائيل، غير ذلك إذا رؤوا أنّ العالم بدأت تخاف و "تْلِكْ وتْصَكْ" ساعتئذ لن يكتفوا بالتهديد بل يعملوا حربا. مقابلة التهديد بالتهديد يمنع الحرب أو يؤجلها بالحد الأدنى أو يجعل العدو مترددا، وخصوصا إذا كان التهديد المقابل هو تهديد جاد وله معطيات عند الإسرائيلي وليس حديثا بالإعلام. عندنا تجربة منذ كم يوم، طلع (ايهود) باراك وتحدث وحتى الجمل لم تكن جمل واضحة وقوية عندما هدد سوريا بالحرب، ويبدو أنّ رد الفعل السوري ليس مرتبطا فقط بتصريحات إيهود باراك بقدر ما يمكن أنّ هناك رسائل إسرائيلية أوصلها بعض الوفود الأجنبية لسوريا وفيها تهديد، وتقديري أنّ الجواب الذي طلع ليس ردا على موقف إعلامي وإنّما على رسائل تمّ إبلاغها لسوريا. عندما تبلغت سوريا رسائل تهديد، مرة تخاف وتعبر عن خوفها وتتراجع وتتلكّأ وتعيد النظر بثوابتها، ومرة تجيب التهديد بتهديد أقوى منه.

الذي رد على التهديدات الإسرائيلية هو وزير الخارجية السوري الأستاذ وليد المعلم، أي ليس قيادة القوات المسلحة ولا رئيس الجمهورية وعادة وزارة الخارجية هي أكثر جهة دبلوماسية ومعنية بتدوير الزوايا والحديث المرتب أي أنعم جهة بأي دولة والتي هي وزارة الخارجية هي التي ردت على التهديدات الإسرائيلية وأعتقد أنّ ذلك كان مقصودا ولم يكن صدفة وقالوا للإسرائيليين إذا اعتديتم علينا ستواجه كل مدنكم الخراب والدمار، وأنا متأكد أنّ الإسرائيليين فوجئوا بالرد السوري وأنا متأكد أنّ الحكومات العربية فوجئت بالرد السوري لأنّه لم يكن ردا فيه شيء من الدبلوماسية على الإطلاق ومكشوف كثيرا وواضح وشفاف، لكن ماذا كانت النتيجة؟ بعدها بساعتين لم يبقَ أحد في إسرائيل إلا طلع وقال، طلع بنيامين نتنياهو  وباراك وكلهم، طلعوا يتبرؤوا مما قاله ليبرمان وايهود باراك قام يصلح "حَكْياته"، وصار كل المناخ في إسرائيل أنّه : كلا الهدف الإستراتيجي لنا هو عقد سلام مع سوريا، وكل القصة أنّ وزير الخارجية (السوري) ردّ عليهم. هذا نموذج، وهذه ليست قصة عمرها ستين سنة ونحقق فيها أنها ثابتة أم لا، هي قصة رأيناها كلها على التلفزيونات ومنذ كم يوم.

نأتي إلى لبنان، في لبنان وبالأساس نحن نعمل هكذا. تذكرون أنّ باراك طلع وهدد لبنان بالحرب وأخذ يتحدث عن نصر حاسم وسريع وواضح وقاطع، أي هناك هدف للحرب المقبلة عند الإسرائيلي اسمه القضاء على المقاومة وكل ما يمت للمقاومة بصلة، وهذا نفس الهدف لحرب تموز ولم يتغير، لكنه هو يقول: الحرب المقبلة سوف تكون حرباً تحقق نصراً، يعني ليس هزيمة ولا فشلاً ولا انتكاسة، وهذا النصر يجب أن يكون حاسماً، يعني لا يبقي ولا يذر وقاطع وواضح ليس فيه نقاش، أي لا يخرج أحداً في لبنان أو إسرائيل  أو العالم ليقول إسرائيل انتصرت أو لم تنتصر. وقال باراك حينها أيضاً: سلاح الجو غير كاف لحسم المعركة ولذلك نحن سنقوم بعملية برية واسعة، وهدّد بخمس فِرق وسبع فِرق. في ذلك اليوم، رددنا عليه وقلنا له إذا أتيتم إلى بلادنا وقرانا وتلالنا وودياننا وجبالنا المقاومة تعهدت بأن هذه الفرق ستدمر إنشاء الله في أر ضنا. بعدها بدأ الإسرائيلي بالتراجع في كلامه، وكل المؤتمرات التي شاهدناها في الآونة الأخيرة لم نعد نسمع في "إسرائيل" كلام عن نصر حاسم وسر يع وواضح وقاطع، وإنما على عكس ذلك، فقبل أيام عدة، كان قائد المنطقة الشمالية يقول دعونا في أي حرب ننوي خوضها أن نضع أهدافاً متواضعة حتى نستطيع القول أننا حققنا أهدافنا في الحرب. يعني بدأ الحديث عن تواضع في الأهداف. باراك نفسه قبل شهر أو شهرين استخدم  تعبيراً أنا استخدمته، أظن في يوم تشييع الحاج عماد أو في أسبوعه، باراك يقول بالضبط: إذا نظرتم إلى الحدود اللبنانية ستجدون الهدوء، ولكن لو رفعتم رؤوسكم قليلاً لوجدتم عشرات الآلاف من مقاتلي حزب الله بكامل تجهيزاتهم يتربصون بنا. عندما أقول أننا جاهزون أن نقاتل في كل قرية وواد وتلة، أنا لا أستطيع أن أخدع الإسرائيلي لأن الإسرائيلي لديه إمكانية جمع معلومات كبيرة  وهذه حقيقة ينبغي أن نعترف فيها، فشبكات التجسس في لبنان كبيرة جداً وفي كل مكان، خواص وعوام وغير ذلك، وكل يوم يظهر هذا الموضوع بوضوح أكثر. إذا هددت الإسرائيلي بشيء  ولم تكن لدي معطياته الحقيقية فإنه لا  يعتني بهذا التهديد، لكنه يعتني بالتهديد لأن لديه معطياته أيضاً، قد لا تكون هذه المعطيات مكتملة لكن لديه شيء.

إذاً عندما واجهنا موضوع الفرق والنصر الحاسم والسريع عادت اللغة تتراجع، فما هي اللغة الثانية التي بقيت؟ خرجوا لنا بنظرية سموها "نظرية الضاحية". يجب أن تعرفوا خصوصاً أهل الضاحية الجنوبية أن كلمة ضاحية دخلت في القواميس العسكرية والاستراتيجيات العسكرية. ما هي نظرية الضاحية التي خرج بها الإسرائيليين؟ أي أنهم يدمرون في الضاحية أي مكان. اليوم، أحب أن أقول أمراً، إن ما قام به سلاح الجو الإسرائيلي  خلال 33 يوماً من حرب تموز لا يستطيع أن يفعل أكثر منه، فلا يهول علينا أحد بأكثر من ذلك.

السنة الماضية في مهرجان 14 آب رددنا عليهم وقلنا لهم، في الحرب الماضية قلنا لكم إذا ضربتم بيروت سوف نضرب تل أبيب، لكن إذا شننتم حرباً، نحن لا نريد حرباً حتى لا يخرج أحد في لبنان غداً وينظّر عن قرار الحرب والسلم، نحن لا نريد حرباً، ليس خوفاً ولا جبناً ولا ضعفاً، نشتاق إليها و لا نريدها، ليس فقط لا نريدها لكن نشتاق إليها أيضاً. قلنا لكم في المرة المقبلة إذا ضربتم الضاحية سوف نضرب تل أبيب.  نضرب تل أبيب  جعلهم يحسبونها جيداً، فقبلاً كنت تهجر بعض المستعمرات الشمالية أما الآن فأنت تهجّر تل أبيب. هل تعرفون ماذا يعني تهجير تل أبيب؟ التجمع الحقيقي الإسرائيلي الكبير هو في شريط ساحلي من بعد حيفا حتى تصل إلى جنوب تل أبيب عرضه عشر كيلومترات وأحيانا خمسة عشر كيلومترا ويمكن أن يكون أوسع عرض له عندما يدخل منطقة القدس حيث هناك التجمع السكاني الكبير جدا، هناك السكان وهناك مصافي النفط وهناك المصانع الكبرى وهناك مؤسسات الدولة وهناك كل شيء. أنا اليوم في هذه النقطة لدي إضافة تفصيلية، هم يمكن أن يقدروا أنّه عندما نقول لهم إذا قصفتم الضاحية سنقصف تل أبيب أي هم يدمرون أبنية في الضاحية ونحن "نفخّت الحيطان في تل أبيب" يمكن أن يخطر في بال أحد هكذا. أنا أقول لهم اليوم : كلا، أنتم تدمرون بناءً في الضاحية ونحن ندمّر أبنية في تل أبيب. هذا ردنا على نظرية الضاحية.

عندما رؤوا أنّه ليس هناك من شيء يمكن أن يفت من عضد المقاومة، يقول (لنا) سنمسحك فيقول (المقاومة) أنا أنتظر على الرحب والسعة ومشتاق إليك أيضا. يقول  (لنا) سندمرك فيقول أنا سأدمرك أيضا. أين ذهب؟ ذهب إلى تهديد الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، بضرب البنية التحتية، وهنا اليوم لدينا شيء جديد، وطبعا هنا ليس نهاية المطاف لأنّه يجب أن يبقى شيء للمفاجآت. ذهبوا للبنية التحتية أنّه إذا جرت الحرب سندمر البنية التحتية للبنان، أيضا لنتحدث "أرضيا"، في لبنان هناك بنية تحتية وفي فلسطين المحتلة يوجد بنية تحتية، لدينا مطار ونصف عندهم مطارات، عندهم الموانيء، لدينا كم محطة كهرباء لديهم مصانع كبرى للكهرباء، لدينا كم مصفاية نفط منها معطل ومنها نصف ماشي لديهم ما شاء الله مصافٍ للنفط، عندنا بعض المصانع ولديهم مناطقا صناعية ضخمة جدا بكل الأشكال والألوان، البنية التحتية في الكيان الإسرائيلي أضخم وأكبر وأهم من البنية التحتية عندنا. هناك تقرير للتلفزيون الإسرائيلي في حرب تموز حول مدى إنشغال الحكومة والجبهة الداخلية بانقطاع الكهرباء عن إحدى مدن الوسط الإسرائيلي ...حسنا، البنية التحتية عندهم أهم بكثير، والكهرباء لديهم متوفرة دائما وعندنا تنقطع...

أنا اليوم أقول لهم ما يلي وهم بمقدروهم التأكد من هذه المعطيات لأن هذا الأمر يعني إمكانيات مختلفة ـ  وأنا لن أسمّي ودعوا التسمية لوقت لاحقا . أنا اليوم أقول للإسرائيليين ليس إذا ضربتم الضاحية سنضرب تل أبيب، إذا ضربتم مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي في بيروت سنضرب مطار بن غوريون في تل أبيب، إذا ضربتم موانئنا سنقصف موانئكم، وإذا ضربتم مصافي النفط عندنا سنقصف مصافي النفط عندكم، وإذا قصفتم مصانعنا سنقصف مصانعكم، وإذا قصفتم محطات الكهرباء عندنا سنقصف الكهرباء عندكم.

اليوم، في ذكرى السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد أعلن هذا التحدي وأقبل هذا التحدي. نحن في لبنان شعب ومقاومة وجيش وطني قادرون بقوة أن نحمي بلدنا ولسنا بحاجة إلى أحد في هذا العالم ليحمي لبنان. هكذا نواجه التهديد، تهديد، وعيد نواجهه ليس بالتراجع ولا بالاختباء ولا بالخوف وإنما بالوضوح وبالثبات وبالاستعداد وبالتهديد أيضاً. أعود وأؤكد لا نريد حرباً، لم نرد في يوم  من الأيام حرباً، نحن مقاومة كانت تقاتل لأن تحرر أرضها وأسراها ولم نكن نريد أن نذهب في يوم من الأيام إلى حرب، ولكن نحن معنيون أن ندافع عن بلدنا، ومعنيون أن نثبت في أرضنا وأن نحافظ على كرامة شعبنا وأمتنا.

يبقى أيها والأخوات سؤال في ذكرى الشهداء القادة عن الثأر للحاج عماد مغنية؟ أقول لكم بصراحة، بعض الإسرائيليين كان يمني النفس بأن حزب الله سوف يقوم بشيء يرضي النفس فيها، يفتش عن هدف متواضع، لن أوضح ماذا أقصد بالهدف المتواضع ليبقوا كلهم قلقين، يفتش عن هدف متواضع فيضربه ويعتبر هذا هو ثأر الحاج عماد مغنية وانتهت الحكاية؟! نحن لسنا كذلك، أحب أن أؤكد لكم، خلال العامين الماضيين كان بين أيدينا الكثير من الأهداف المتواضعة ولكننا لم نقدم لأن من نطلب ثأره هو بكلمة واضحة وواحدة هو عماد مغنية. نحن نعرف ما هي الأهداف التي .. وبالتالي الزمان والمكان.. نحن نعرف ما هي العملية التي تحقق الغاية من أن تقول للصهاينة هذا رد حزب الله على قتلكم لقائده الجهادي.. خياراتنا مفتوحة ووقتنا معنا ولا أحد يضغطنا بشيء ولا أحد يزايد علينا بشيء وعدونا قلقاً، دعوه قلقاً، قلقاً في كل يوم وكل مكان وكل ساحة وكل الأهداف، لكن نحن الذين  سنختار الزمان والمكان   والهدف. اليوم في الذكرى السنوية للحاج عماد أقول لكم ولكل أهله ورفاقه وأحبائه، ما نريده هو  ثأر بمستوى عماد مغنية، هذا هو الذي نبحث عنه، وليس ثأراً للثأر وإنما لنحمي كل القيادات وكل الكوادر وكل القضية التي يعبّر عنها عماد مغنية.

في هذه الذكرى المباركة والعزيزة، نحن معكم إنشاء الله نحمل هذه المسؤولية سوياً، خلال سنوات طويلة مع الشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد الذي تعرف عليه الناس بعد شهادته، إنشاء الله نحن أوفياء لإنجازهم لوصاياهم لطريقهم، ونقول لشهدائنا لكل شهدائنا اطمئنوا، الراية التي رفعتموها ستبقى مرفوعة، والطريق الذي فتحتموه سوف يبقى سالكاً، والقضية التي استشهدتم من أجلها ستنجز وتحقق، ودمائكم لن تصنع في أمتنا إلا النصر. نحن أبناؤكم تلامذتكم إخوانكم سنحقق أحلامكم وآمالكم إنشاء الله. أنتم في رياض الجنة وجوار الأنبياء والصديقين، لكم أجركم ونوركم ودرجاتكم، اطمئنوا يا قادتنا فمن ورائكم أبناء وتلامذة وأخوة صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

والسلام علیكم و رحمة الله و بركاته


 

دغدغه‌های امت

دغدغه‌های امت

صدر عراق/ به مناسبت سالگرد شهادت آیت الله سید محمدباقر صدر
شماره ۲۶۲ هفته نامه پنجره به مناسبت سالگرد شهادت آیت الله سید محمدباقر صدر، در پرونده ویژه‌ای به بررسی شخصیت و آرا این اندیشمند مجاهد پرداخته است. در این پرونده می‌خوانید:

-...

رادیو اینترنتی

نمایه

صفحه ویژه جنگ ۳۳ روزه
بخش کوتاهی از مصاحبه سید حسن نصرالله با شبکه المیادین به روایت دوربین دوم

نماهنگ

کتاب


سید حسن نصرالله